الدين و الماسونية

آدم

قصة توق النفـــس للاتّحاد بالـ عـقـل

ما هي حقيقة آدم؟ ما هي حقيقة وجود الإنسان؟ وما هو قَدَره؟

ثمة إجابة على تلك التساؤلات، وهي الاعتراف الصادق بحاجة النفس للتساؤل.

ثمة إجابة هي بجوهرها مقنعة وليس بما تحتوي عليه من تفسيرات. ثمة توضيح لا يرتكز على رأي الإنسان ولا على التصوّرات، بل على صورة الإنسان – صورة آدم – الصورة التي آنست ظلمة الزمان والمكان كمؤانسة نور الشمس للأرض.

ولا يظن البعض أن قصة آدم هي دين كسائر الأديان أو إنها تغوص في تفاصيل الطقوس والأوثان، فهذا الافتراض منافٍ لجوهر آدم، “العقل“. لأن التفاصيل حُجُب للنفس، صور ميّتة يدور حولها الفكر كدوران الأرض حول نفسها، فيروي دورانه قصصاً كثيرة – وما أكثر قصص البشرية ورواياتها.

أما قصة آدم فهي قصة توق النفس للاتّحاد بالعقل، شوق الناظر للاتّحاد بطبيعة النظر، وميثاق يعترف فيه القمر بعجزه الدائم عن الوصول إلى ما وراء الشمس، فمن رحم اعترافه هذا تدور دورات الحياة وينبثق الزمان والمكان والإمكان.

حكمة آدم لم تستند يوماً على مبادئ تكليفية ولم تتطلب من المرء أي تشبث أعمى بإثباتات حتمية. لكنها تناشد كل من يسعى إليها صادقاً أن يتفحص الحقائق التي نقلها إلينا فلاسفة وأنبياء وحكماء غاصوا في سر آدميتهم فتجلّى لهم ذلك السر على صورتهم وخاطبهم من ذاتهم لذاتهم عبر أعمالهم.

سر الوجود الآدمي يعبّر عن ذاته في كل الموجودات وأولها أسمى موجود “العقل” ولذلك فإن العالم بكل ما فيه من أشياء يتصوّرها الفكر متأخّر عن حقيقة ذلك السر تأخّر جوهري (لا زمني) إذ هو لتلك الحقيقة كالصفة للموصوف، فكيف للصفة أن تحيط بالموصوف؟ كيف للمعقولات أن تحيط بعاقلها؟ كيف للموجودات أن تحيط بواجدها؟ كيف للعين ان تتحسّس وجود الأثير من غير رؤية الأشياء الموجودة فيه؟ كيف للنفس أن تتوقّف عن طلب الحكمة؟

ويا لنكران البشرية للحكمة الآدمية، يا لنكران العين لنور الشمس الذي يضيء حتى عتمة غيابها. يا لنكران العالم لآدم ذو الاعتراف الدائم بانعدام حضوره عند حضور تلك الحضرة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى