مقالات متنوعة

البرمجة اللغوية العصبية

Troy Ashmoun

لا شكّ أنّك سمعت بالبرمجة الحاسوبية وبرمجة الآلات، ولكن هل سبق أن سمعت بـ البرمجة اللغوية العصبية؟ هل خطر لك أنّه بالإمكان برمجة أدمغتنا تماماً كما نبرمج حواسيبنا؟

ما هي البرمجة اللغوية العصبية؟

هي مجموعة طرق وأساليب تعتمد على مبادئ حسية ولغوية و إدراكية، تهدف لتطوير السلوك الإنساني نحو التميز والإبداع و التطور ومساعدة الأشخاص على تحقيق نجاحات وإنجازات أفضل في حياتهم. تقدّم البرمجة اللغوية العصبية أساليب عملية تمكّنك من تغير طريقة تفكيرك، ونظرتك لأحداث الماضي ومبادئك في الحياة، إنّها باختصار تجعلك قادرًا على السيطرة على عقلك وبالتالي على حياتك. وبعكس علم التحليل النفسي الذي يركّز على الأسباب وراء الاضطرابات النفسية، فإن البرمجة اللغوية العصبية عملية للغاية وتصبّ جام تركيزها على كيفية معالجة هذه الاضطرابات.

ما هو مبدأ عمل البرمجة اللغوية العصبية؟

تنطلق البرمجة اللغوية العصبية من نقطة أنّ الواحد منّا قد لا يكون قادراً على التحكم في حياته، لكننّا مع ذلك نستطيع التحكّم بما يدور في أذهاننا. بحسب هذا العلم، فإن أفكارك وعواطفك ليست أشياءً تمتلكها وإنما هي أفعال وتصرّفات تقوم بها، وقد تكون الأسباب وراء القيام بهذه الأفعال معقدة ونابعة من انتقادات تسمعها من أهلك ومعلّميك أو معتقدات وآراء تربيت عليها. أو أحداث وتجارب مررت بها. ومن خلال البرمجة اللغوية العصبية، تستطيع التحكّم في هذه المعتقدات وتأثيرها على أفكارك وتصرفاتك. حيث يمكنك باستخدام تقنيات مختلفة كالتصور مثلاً تغيير طريقة تفكيرك أو مشاعرك تجاه أحداث مؤلمة في الماضي، كما يمكنك من خلال تقنيات البرمجة اللغوية العصبية التغلّب على المخاوف ومختلف أنواع الفوبيا. تعتمد البرمجة اللغوية العصبية على مجموعة من المبادئ المعروفة لنا والتي يستخدمها هذا العلم بطريقة مختلفة لتحقيق الأثر الإيجابي المرجو. حيث تشتمل هذه المبادئ على الآتي:

  1. قوّة الإيمان

لا تستهن أبدًا بقوّة إيمانك، فإن كان أحدهم مؤمناً إيماناً جازماً بأنه مريض وعلى وشك الموت، فسوف يتحقق على الأرجح ما يؤمن به، وقد تمّ استخدام هذه التقنية لعدّة قرون من قبل الأطباء. وبالمثل إن آمن هذا المريض بأنه حصل على دواء فعّال يشفيه، فإنّه سيُشفى في غالب الأحيان, وهي ظاهرة مثبتة طبيًا وتستخدم في الكثير من الحالات المرضية. يقوم مبدأ قوة الإيمان على أنّه إذا آمنت بقدرتك على فعل أمر ما، فإنك ستتمكن من تحقيق هذا الأمر. وتستفيد البرمجة اللغوية العصبية من هذه الحقيقة لتساعد الأفراد على التخلص من المعتقدات المحدِّدة التي تمنعهم من تحقيق ما يطمحون إليه، حيث يتمّ ذلك من خلال توجيه أسئلة إلى نفسك مثل:

– كيف أعرف أني لا أستطيع القيام بهذا الأمر؟

– من قال لي أني لا أستطيع تحقيق هذا الأمر؟

– هل يعقل أن من قال لي ذلك كان مخطئًا؟

  1. تحديد الأهداف

جميعنا نعرف أهمية تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها، حيث يقدّم علم البرمجة اللغوية العصبية بعض الرؤى الجديدة المثيرة للاهتمام، مركّزاً في عملية تحديد الأهداف على تحقيق الرضا بدلاً من الشعور بعدم الرضا.

ولتفهم الأمر بشكل أفضل، إليك هذا المثال: عندما تضع أهدافاً لك، سيكون من الأفضل دوماً أن تجعلها أهدافاً إيجابية وذلك من خلال التركيز على ما تريد تحقيقه بدلاً من التفكير فيما لا ترغب بحدوثه. بدلاً من القول: “لا أريد أن آكل الوجبات السريعة بعد الآن”، من الأفضل أن تقول: “أريد أن يكون طعامي صحياً أكثر”، صحيح أن الجملتين لهما نفس المعنى، لكن التركيز على الجملة الثانية سيعود عليك بنتائج أفضل.

  1. قوّة الأسئلة

يؤكد ريتشارد باندلر على أنّ أذهاننا تبحث بشكل مستمر على إجابات على مختلف الأسئلة التي تدور من حولنا. لذا لابدّ من طرح الأسئلة الصحيحة التي تسهم في دفعنا إلى الأمام بدلاً من سحبنا إلى الوراء. لنأخذ هذا المثال: لو سألت نفسك مثلاً: “لماذا أشعر بالسوء الآن؟” ستجد أن عقلك بدأ في البحث عن إجابات لهذا السؤال مستحضراً بذلك مختلف أنواع الأفكار السلبية والمحبطة التي قد تخطر لك، ممّا يجعلك أسوأ حالاً. وبالمقابل، إن طرحت على نفسك أسئلة مثل:

– لماذا أريد أن أغير حالتي هذه؟

– كيف ستكون الأمور إن تمكنّتُ من تغيير حالي؟

-ما الذي يمكنني فعله حتى أشعر بالتحسّن؟

التفكير في إجابات لهذه الأسئلة سيؤدي إلى أفكار إيجابية أكثر تسهم في نهاية المطاف في تحسين حالتك.

تقنيات البرمجة اللغوية العصبية

  1. تقنية (المواقع الثلاثة) في تحقيق التوازن بين وجهة نظرنا ووجهات نظر الآخرين، وصولاً إلى الموضوعية والسلوك المتوازن.
  2. تقنية (الإرساء) في تغيير السلوك وحلّ المشاكل وعلاج الخوف أو الوهم حيث تستخدم من قبل الزعماء والقادة ورجال المبيعات وفي جميع الأنشطة الإنسانية.
  3. استراتيجية ديزني في الإبداع وخلق الأفكار الجديدة.
  4. تقنية (الحفيف) من أجل تغيير العادات.
  5. تقنية الانفصال الصوري – الحسي لعلاج المخاوف الوهمية.
  6. وتقنية الانفصال المزدوج لعلاج حالات الفوبيا الشديدة عن طريق تقنية خط الزمن يمكن تغيير الشخصية من خلال تغيير طريقة خزن ذكريات الطفولة والصبا. كما يمكن التخلص من المشاعر السلبية.
  7. تقنية تحويل المناط للتخلص من العادات السيئة من خلال التمييز بين السلوك والقصد.
  8. استخدام لغة ساتير في الخطابة أمام الجماهير.
  9. طريقة سكور في حلّ جميع المشاكل.

لقد استطاع علماء البرمجة اللغوية العصبية ومن خلال استخدام هذا الكمّ الهائل من المبادئ والحقائق والتقنيات على الإنسان، أن يحققوا إنجازات مذهلة بحيث تمكنوا من جعل هذا الإنسان قادراً على استخدام عقله على صورة فتحت أمامه الأسرار الدقيقة للنفس البشرية وأصبح بالتالي قادراً على استثمارها بما يفضي إلى تطوير قدراته وتنمية مواهبه إلى حدود لم يكن يتصوّرها من قبل. وأصبح أيضاً قادراً على التأثير الفاعل في الآخرين وفي إيجاد أفضل الحلول لمشاكله.

لقد صدقوا حين عرّفوا (البرمجة اللغوية العصبية) بأنها طريقة منظمة لمعرفة تركيب النفس الإنسانية والتعامل معها بوسائل وأساليب جديدة بحيث يمكن التأثير وبشكل حاسم وسريع في عملية الإدراك، التصوّر، الأفكار والشعور، وبالتالي في السلوك والمهارات والأداء الإنساني الجسدي والفكري والنفسي.

فمن خلال وسائل التأثير في (العقل اللاواعي)، تحكّموا في الطاقة الجسدية والنفسية للإنسان في ضوء أن هذا (العقل اللاواعي) طاقة محايدة قادرة على أن تبدّل الإنسان تبديلاً شاملاً. واكتشفوا سبلاً عديدة من أجل إشغال (العقل الواعي) والوصول إلى (العقل اللاواعي) مثل (المكاسرة، التهويم، نموذج ميلتون، الاشتقاق التحويلي، استراتيجية ساتير …إلخ). بما أن لكل سلوك قصداً إيجابياً، استطاعوا من خلال استراتيجية (تحويل المناط) أن يغوصوا في أعماق الإنسان ويحدّدوا السلوك الذي يريدون تغييره بعد الاتصال بالجزء المسئول عن توليده وإجراء الحوار معه تمهيداً لفصل القصد عن السلوك، والاتصال بالجزء الإبداعي لإيجاد بدائل، ثم التفاوض مع الجزء المسئول حول قبول البدائل الجديدة لتحقيق أهدافه النبيلة, وتأمين موافقة جميع الأجزاء الأخرى على هذا التغيير.

ومن خلال استنباط استراتيجية السلوك، استطاعوا التعرّف على طريقة تفكير الإنسان قبل اتخاذ قراراته وكيفية استجابته للمؤثرات (أي سلوكه). ونتيجة تحليل هذه الاستراتيجية (تحليل التباين بين النمطيات) توصّلوا إلى تحديد الاستراتيجية الأفضل أي (تصميم الاستراتيجية) من خلال اختيار أقل عدد من الخطوات وبالتالي حذف غير الضروري منها، ومن ثم يصار إلى تركيب الاستراتيجية البديلة بواسطة طرق عديدة منها (الإرساء، تحويل المناط، الترسيخ).

وعالجوا حالات الخوف الوهمي (الفوبيا) بنوعيها البسيطة والشديدة، باستخدام (الانفصال الصوري الحسي) أو(الانفصال المزدوج).

واستطاعوا تغيير السلوك وتبديل المشاعر عن طريق التأثير في الحالة الذهنية للإنسان، باستخدام النمطيات السبعة؛ والخلاصة على الانسان ان يستطيع ان يبرمج نفسه وفق المحاور التالية:

  1. تطبيق الطريقة العملية لمعرفة ما يريد.
  2. معرفة واستخدام إطار الإدراك للوصول إلى طرق تفكير ايجابية.
  3. تطبيق الأركان الأربعة للبرمجة اللغوية العصبية (استراتيجية التفوق).
  4. تحديد النتيجة المطلوبة (الحصيلة).
  5. معرفة واستخدام طرق جمع المعلومات من النظام التمثيلي وإشارات الوصول العينية وعبارات الاستدلال والمعايرة (التدريج).
  6. استخدام البرامج العقلية العليا في التعامل مع الآخرين.
  7. معرفة وتطبيق عناصر الاتصال.
  8. معرفة الالفة ومستوياتها وكيفية المسايرة والقيادة.
  9. معرفة واستخدام تقنيات تساعد في كيفية الوصول إلى ما نريد، مثل الإرساء ودائرة الامتياز ومولد السلوك الجديد (الترسيخ) واستراتيجية دزني (الإبداع).

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى