مقالات متنوعة

رموز العدل في الحضارات القديمة

رموز العدل…

يُعتبر مفهوم رموز العدل والعدالة من المفاهيم القديمة جداً والمذكورة بشكل صريح في تاريخ الحضارات جميعها، فمنذ فجر هذه الحضارات الانسانية وبدء التدوين تم ذكر آلهة العدل كجزء وفرد مهم جدا من مجمع الآلهة الموجودة والتي تمت عبادتها والتقرب اليها.

في الهلال الخصيب

تعتبر الآلهة عشتار السيدة الأنثى من أوائل الآلهة التي تمت عبادتها لهذا الخصوص فهي ربة الحكمة والعدالة والفضيلة بالإضافة طبعا لبقية مهامها في منطقة الهلال الخصيب حيث تذكر الترنيمة والدعاء والتمجيد الموجه لها  :

عشتار يا ذات البطولة

يا إلهة بلا دنس

يا شعلة السماء والأرض

يا وهج الفلوات والقارات

يا آلهة هي سيدة السماء

تغيرين المصائر وتحولين النكبة إلى سعادة

على يمنيك العدالة وعلى يسارك الفضيلة

في الحضارة الفرعونية

يعود أقدم تمثيل للعدالة إلى الربة ماعت التي كانت تجسد الحقيقة والأخلاق و التوازن والنظام  والقانون والعدالة وكان نقيضها هو الإله الفرعوني إسفت ومعنى اسمه الظلم ومن اسمه كان تجسيداً للظلم والعنف والشر .

أقدم ذكر لماعت كان حوالي 2375 قبل الميلاد في نصوص هرم الملك المصري أوناس وتم رسمها وعلى رأسها تاجاً من ريش النعام  .

حيث مثلت ماعت المبدأ الأخلاقي الشريف الذي كان من المتوقع أن يسلكه كل مواطن صالح كما كان ذكر الألهة ماعت في الحكم  مهم جداً  فكانت القواعد والقوانين التي يضعها الملك يصرح فيها عند اقرارها أن الآلهة ماعت هي من حددتها له وأوحت له بها من خلال قلبه حتى يتجنب الفوضى و يضمن قدسية القانون ويضمن تنفيذه من قبل الجميع كونه صادر عن الآلهة  .

كانت ماعت هي الروح و القيم الطبيعية والأساسية التي شكلت الخلفية التي يتم بها تطبيق العدالة.

كاهن ماعت…

وقد أطلق على الوزير المسؤول عن العدالة اسم كاهن ماعت وفي فترات لاحقة ارتدى القضاة صوراً لماعت وضعوها على وجوههم ومن هنا كانت المقولة الفرعونية الشهيرة استبدل الظلم بماعت .

وبما أنها كانت رمزاً للعدل والقانون والأخلاق والتوازن فقد لعبت دوراً أساسياً في الديانة الفرعونية القديمة فكانت وظيفتها في العالم الآخر وفي يوم الحساب تحديداً حيث  كانت تتم محاكمة الموتى هناك  عبر مقارنة أعمالهم الدنيوية مع الصفات الحميدة للألهة ماعت الممثلة للحقيقة للعدالة و الصدق والأمانة وفعل الخير

فكانت هذه المقارنة تتم من خلال عملية وزن قلب الميت من قبل إله الموت والتحنيط أنوبيس بميزان ذو كفتين  ففي الكفة الأولى كان  القلب الذي كان يعتبر مركزاً للخلق والأعمال وفي الكفة الثانية توضع ريشة الحقيقة ريشة الألهة ماعت التي تظهر معها في معظم تصويراتها مع الصولجان فمن كان قلبه أخف وزناً كان من الصالحين ويكافئ بجنة آرو و من كان قلبه أثقل من ريشة الحقيقة يلقى قلبه للوحش الأسطوري عمعيت ليكون بذلك موته الثاني حيث يفنى إلى الأبد .

 اما في الحضارة اليونانية

فكانت الإلهة تيميس وهي سيدة العدل التي تمثل النظام الإلهي والقانون والعادات والتقاليد ومعنى اسمها تيميس هو القانون الإلهي ومن رموزها الميزان والسيف  .

كما صور هيسودوس العدالة الدنيوية بالألهة دايك  والتي تظهر كإمرأة تحمل ميزان واعتبرها ابنة لزيوس وتيميس

أما عند الرومان

فهناك سيدة العدل  الرومانية جوستيتيا أو يوستيتيا وهي تجسيد مجازي للقوة الأخلاقية في النظم القضائية ومن سماتها عصبة العينين والميزان والسيف وغالباً ما تظهر مع إلهة الحكمة والبصيرة برودينتيا والتي يعتبر الثعبان والمرآة من رموزها وهي تعادل الألهة اليونانية تيميس .

شرح أهم رموز آلهة العدل  المشتركة:

١ – السيدة الأنثى.

كما في تمثيلات جميع الحضارات من خلال تقديس النساء الحاكمات صاحبات المقام الرفيع واهبات الحياة والمحافظات عليها الأم الكبرى رمز الحكمة.

٢-  السيف والصولجان

سيدة العدل في كثير من الأحيان تحمل الصولجان  كما في تمثيلات ماعت أو  السيف كما في تمثيلات يوستيتيا و تيميس.

و السيف الصولجان  هما رمزان تاريخيان للسلطة التي يتمتع بها  أصحاب القرار بإختلاف أمكنتهم

٣- عصابة الأعين

إن عصابة  الأعين التي وجدناها في ألهة  العدل الرومانية يوستيتيا فقط ترمز إلى حكمة مفادها أنه ينبغي الحيادية و إقامة العدل دون عاطفة أو تحامل انطلاقاً من الحقائق  فقط فالحياد هو المثال الأعلى لتطبيق العدالة دون النظر إلى الثروة أو السلطة أو أية مميزات أخرى.

٤- الميزان

يعتبر الميزان من أشهر رموز العدل وأقدمها كون الميزان يتيح تقييم التوازن بين مقداريين وتحديد الاختلاف أو التطابق بينهما فهو يظهر عند كل ربات العدل ومرافق لهنَّ مع الملاحظ انه كما ذكرت في حالة ماعت الميزان يبدو أنه يخص الإله أنوبيس والريشة تخص ماعت .

القلم الحديدي

3 / 12 / 2020

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى