مقالات متنوعة

الماسونية والشعوذة

الماسونية والشعوذة

في كل الاوقات وعلى كل الاصعدة، يوجد كائنات وفية طامحة إلى الحقيقة؛ إلى الخير أمثالها وإلى إزالة الخطايا أو المآسي التي يعاني منها البعض من جراء اخطائهم الشخصية. ومن خلال حياة التقشف، جابه هؤلاء الحكماء من دون ريبة مساوئ الحياة . كما انهم تحصنوا بالحذر والسرية التامة بعد أن لاقوا الاضطهاد وأسسو الجمعيات البشرية حيث الروح العدالة وحب البشر في أساس جوهرها.

الوراثة:

إلى هذه النقطة بالذات، فالماسونية الحديثة هي وريثة تلك الجمعيات السرية في أنيل تقاليدها. فهي محور التقدم البشري وتدرك بوعي كامل دورها التحريري، والماسونية لا تنضوي تحت إي مدرسة ولا تنحاز إلى أي طرق في سعيها المستقل إلى النور الذي يحرر من كل استعباد.

مدركون أن الشعوب ليست محكومة بطفولة ابدية، يتبع المكرس الذي يناسبه من خلال العمل في مكان لإعلاء مستواه العقلي والخلقي. ولكن لسوء الحظ تحيك بعض المنظمات المؤمرات ضدنا بشكل مخالف لمبادئنا، فهذه المنظمات مقتنعة بأن على الشعوب البقاء تحت الوصاية فتعيق التطور والتقدم.

وهنا يبدأ الصراع بين معمري المستقبل (نحن) وبين المحافظين الخائفين من الماضي والمستقبل والوحيدين من تخلف الشعوب ويستعمل كل طرف كل ما يملكه من أفكار وأساليب في هذا الصراع.

اذا صدق أعداؤنا بالقول نحن مشعودين، فنبقى عندئذ من اتباع السحر الاسود، متبعين أرهب وأسوأ التعاليم: انتهاك الحرمات، الإغتيال بواسطة السحر، والتضرع إلى الشيطان والعربدة.

يجب أن نتذكر بأن المسيحيين لاقوا الإضطهاد وصفوا بالشياطين لمجرد إجتماعاتهم السرية واتباع تقاليد تخصهم.وايضاً رسول الله محمد (ص) لاقي الاضطهاد ووصفه بالمشعوذ ورمي بالحجارة.

لو كنا جدياً مشعوذين، فلا بد لنا ان نسمي أعمالنا بالاعمال الروحية (كلمة روحية بالانكليزي)، ومحافلنا بمدارس السحر الإختباري وصفوفنا بالايحاء الذاتي (ترجمة ايحاء ذاتي) كالذي حلم به بيير مسمر، أو صفوف تدعي التنبؤ أو صفوفاً تدرس الباطنية الحديثة.

اهتمامات الماسونية:

في الواقع لا تهتم الماسونية إلا ببعض جوانب الباطنية في اطار تفتيشها عن الحقيقة، فهي لم تدعي صنع المعجزات وأسرارها لا ترتبط باسرارها باسرار الالهه، وكما ان الخطأ غير مطلق (لسنا معصومين عن الخطاء) يجدر بنا التفتيش عن الحقيقة تحت ركام كل ما هو شاذ أو غريب، لذلك لا يمكن أن تكون شعائرنا بعيدة عن الغرابة أو بريئة جداً، مما دعا كل غريب عنا إلى الاعتقاد بأننا نمارس الشعوذة.

بعد أن اصبحوا بمنأى عن تدخل خارجي وأكيدين من حضور كل الاعضاء المنتمين إلى الفن الملوكي كانوا يوكلون مرشداً يرسم مثلثاً وسط الارضية بالطبشور او بقطعة فحم. وهكذا تصبح المساحة المحددة مقدسة حيث لا يحق لأحد وضع رجله فيها، ولابراز ذلك المكان السري ذو الاربع اضلع والذي لا يختلف عن تلك الدوائر السحرية سوى بشكله المستطيل، كان يرسم فيه رموزاً ذات معنى: مثلث صغير متساوي الاضلع مضاف عليه إشاراتي الشمس والقمر وخطوط في رأس المستطيل السري وفي وسطه رمز لنجمة ساطعة على عامودين كتب عليها حرفا (B J) بعد الانتهاء من هذا التخطيط، ادوات  البنائية توضع داخل مربع كبير يضم الزاوية القائمة، البيكار، الزئبق، الشاقول، وأما المطرقة من خشب والمسطرين فكان لهما مكان مخصص.

اثنا هذه التحضيرات يقرب احد اخوة من المستطيل ثلاث شمعدانات تحوي شموع مخصصة لبعض اخوة لاشعالها بالتتالي. عندما كان يسطع النور في الشرق يقال بتهيب “الحكمة تبشر بنائنا”، وعندما يسطع النور من الغرب يقال بصوت قوي ” القوة تنفذ اعمالنا” وفي النهاية عندما يسطع النور في الجنوب يقال بصوت عذب “والجمال يزن اعمالنا” ومن ثم كان كل واحد يعود إلى مركزه، بعد التوجه إلى المهندس الكون الاعظم قبل الإعلان عن فتح الاعمال.

الاديان:

منذ زمن الاديان كان تضرعنا هذا بمثابة صلاة صغيرة لكي تقال في اي كنيسة صغيرة او دعاء داخل جامع، ولا نخفي بأن تضرعنا هذا هو استحضاري ذلك ان البنائين كان يستحضرون الخالق روحياً لاضفاء الروحية من خلال التقاليد والصلوات قبل أن يبدأوا اجتماعاتهم.

اذا اقتنع كل البشر بتلك الاحتفالات من دون علامة إستفهام، عندئذ تكون المحافل مفتوحة، فتقاليدنا بحاجة إلى محافل مهندسة ومحضرة بشكل خاص لإحياء جلساتنا والإبتعاد عن كل ما هو بارد او ميت.

شعائرنا نفيسة وعقلية كما ان مأزرنا الماسونية شريفة لا تتحول إلى أكياس من الاحتيال، وأسرانا الغامضة تقترب من سحر عالٍ، بعيدين عن كل تبجح او استعلاء، فنحن لا نصل إلى عملنا العظيم إلا إذا وجدنا الكلمة الضالة.

لذلك فرض اجدادنا سرية التامة على اعمالهم خاصة أن علومهم تتطلب جهداً وكمالاً زائداً لا يملكه عامة الشعب، وكان المكرس يفيد اخاه من تجاربه السابقة. هكذا سهل التنبوء بقدر هؤلاء الحكماء يبدأ الإحتفال ومن خلاله تحلق الروح حرة لتلحق وتفتش عن الفلسفة الحقيقة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى