حضارات قديمة و الماسونية

جوهر الرسالة البنائية

لمحة تاريخية مختصرة عن جذور الرسالة:

الرسالة البنائية، رسالة بدأت منذ بدأ عقل الإنسان بالعمل، فاستنار بنور السرّ الأسمى، وأنتج أوّل ما أنتج الطريق إلى معرفة الوحدانية. فكانت شرائع حمورابي أو”أمورابي” أبو الأموريين ابن الأرض الكنعانية، المولدّة للحضارات المصدرّة للعلوم الثقافية والمعرفة الكونيّة.

انطلقت تلك الشرائع في ذاك العصر بعد أن شعر الإنسان بحاجته للتوازن بين عالم المادّة الفوضوي الذي ساد فيه الجهل وأنحدر إلى عالم السفليات، وعالم الروح الراقيّة المرقيّة بسموها لملامسة الطيف المبدع، الباحثة عن السكون بتواضعها، المنبعثة من برودة الحلم، وحرارة النور، لتدخل إلى دائرة ليونة هيولى التكوين.

فكانت شرائع العصر الأوّل التي تحمل في ظاهرها ضوابط العشيرة في عالمها المادّي بقوّة النظام والتزام التنظيم، وفي داخل جوهرها حملت أبعاد اللانهاية للوصول إلى الحقيقة المطلقة المبدع الأعظم.

… وانطلقت نظرية التوحيد الأساسية وصولاً إلى عصر إخناتون ( مروراً بالكنعانية – والفينيقية) تلك الفلسفة العقائدية البنائية للذات كان على قاعدة التوحيد، توحيد النقيضين لتكوين التناغم الإلهي، الإله الواحد إله الالهة مهندس الكون الأعظم ومبدعه.

إلى أن كان عصر، انبثق فيه قوم أطلقوا على أنفسهم شعب الله المختار، فكان موسى النبي الذي قاد المسيرة بحكمة استمدها من كهنة كنعان أصلاً، وتعاقبت الأدوار وصولاً إلى الملك سليمان حيث أشرقت عليه الحكمة فكان سيّدها ومزج نورها الرمزي بالإرادة العملية فطبّق نظرية الهيكل بمعونة المعلّم أحيرام أبي وهذا يدل على أن الحكمة تحتاج لقوّة الإرادة ليظهر الجمال، فكانت فلسفة الكون الأصغر المحتوية الكون الأكبر برمزيته.

فالهيكل الذي بني كان أصلاً في وجوده كائن بحقيقته، واحتاج لظهوره حكمة رمزيّة وقوّةً إرادةٍ نفسيّة فكانت إطلالته بهية.

الرحلة المسارية:

التواصل العملي لهذه الرسالة، كان وعبر الأجيال مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفلسفة الرمزيّة ضمن الدائرة الكونيّة. من هذا المنطق لا يمكن أن يكون العمل في البناية العملية، ولا يظهر جمالها، أو تكتمل هندستها، وتبرز عظمتها، ما لم يكن البنّاء عارف باحث عالمَ في أصول القواعد السياسية للنظام الكوني المتناغم “الكوسموس” وبالتالي عليه أن يدرّب عقله على الحكمة والصبر والتأمّل والخيال، ونفسه على التكيّف بهذا النظام الواسع، عندها يستحق لقب الإستاذ أو المعلّم البنّآء، ويرتفع بنفسه من درجة إلى درجة لملامسة المعرفة أو الحقيقة المطلقة.

ولهذا التدريب قواعد ورموز وشعائر لها أهداف موجبة لوضع الطالب ضمن الأطر الصحيحة للوصول إلى الرقي في نفسه والترفّع عن عالمه المادّي، وعلى مرّ التاريخ كانت هذه الشعائر والطقوس تتغير وتتبدّل من حيث الشكل دون مسّ الجوهر الحقيقي، خاصّة وإنها قواعد توصل ضمن مفهومها الفلسفي الرمزي إلى غاية أساسية جوهرية، وهي أن يتعوّد الطالب على استعمال خلايا التحليل للبحث عن الهدف ويرسمه بتأمله، ليعود إلى الواقع ويستخدم أزميله ومطرقته، ويرسم الصورة لتظهر من خلال نفسه، وما يحصل اليوم من زيادة أو نقص في تلك الشعائر أو تبديل في بعض الأحيان لن يغيّر في جوهر الرسالة الحقيقي شيء.

N.SH

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى