اورشلیم کنعانية مقدسة
مدينة أورشليم …
أن اورشلیم کنعانية مقدسة تعميماً ولذلك للفائدة ايضاً من الناحيتن التاريخية والبنائية، ونظراً لارتباط اورشليم بالحضارة الكنعانية القديمة ولاحتوائها على هيكل سليمان الذي كثر اللغط حوله حتى ارتبط اسمه وبناؤه بالتراث البنائي ارتباطاً ضلل الكثيرين حتى الباحثين في التاريخ البنائي القديم، رأينا أنه لا ضير في اعطاء ملخص لمقال الأستاذ انيس فاخوري القيم الذي عالج فيه بموضوعية وصدق وأمانة تلك الحقبة من الزمن.
وإذا عرف العالم البنائية، فالفضل في ذلك يعود إلى نخبة من الكنعانين ورهط من مفكريهم هاجروا وعلموا ونقلوا الحرف والفكر والمبدأ والدين والحضارة، أمثال بيثاغور وزينون وطاليس واليسار وسواهم.
يقول الأستاذ فاخوري: ودراستنا لما ورد عن القدس (اورشليم في العهد القديم، يظهر لنا الخلاصة الآتية: وان اورشليم كانت مدينة مقدسة تعبد الاله العلي، قبل أن يأتي إليها ابراهيم من مدينة أور الكلدانية، وأن قداسة هذه المدينة ومركزها المرموق بين بقية المدن الكنعانية هما اللذان حملا الملك داود على احتلالها، حوالي سنة 1050 ق . م، وان هیکل سلمان بني على أقدس قمة في مدينة أورشليم الكنعانية حوالي سنة 1004 ق.م. ولم تبق اورشليم في أيدي اليهود أكثر من تسعمائة سنة متقطعة من مجموع سنة الآف سنة من عمرها التاريخي.
أرض كنعان…
وظل ابراهيم يعيش في البداوة على أرض کنعان، هو وأولاده ونسله من بعده إلى أيام يعقوب. فتكاثروا واصبحوا قبيلة ليست قليلة العدد، وظلوا يتجولون في أرض كنعان من مكان إلى آخر، مثل كل قبيلة بدوية من القبائل الرحل، حوالي مائة وخمسين سنة، نزحوا على اثرها إلى مصر كما هو وارد في قصة يوسف الشهيرة.
وهنالك أقاموا نحو ثلاثمائة سنة، تكاثروا خلالها، ثم أخرجوا من مصر بقيادة موسی، وكان خروجهم حوالي سنة ۱۲۷۰ ق.م. دوتاهوا في برية سيناء حوالي اربعين سنة وهم يعيشون عيشة البداوة تحت الخيام، ويرعون المواشي، ويسوقون القطعان، ولم يكن لديهم بعد أقل المام بالزراعة أو بالصناعة.
وتا يخهم، كما ورد في سفر القضاة، يدل على أنهم كانوا يحيدون عن عبادة الله أكثر الأحيان وكان الله يغضب عليهم وينزل بهم أشد القصاص. وكانت أورشليم في تلك الأثناء خاضعة لحكم سلاله كهنوتية ملكية دامت أكثر من الفي سنة قبل أن يتمكن داود من الاستيلاء عليها.
من هذا السرد التاريخي الزمني يتبين لنا أن اليهود، منذ ظهورهم إلى التاريخ بابراهيم إلى أن تمكنوا من احتلال اورشلیم وادخالها موقتا في تراثهم، و كان قد مر عليهم حوالي تسعمائة سنة وهم يحومون حولها من غير أن يتمكنوا منها. وطوال هذه المدة بقيت أورشليم مدينة كنعانية مقدسة تعبد الله العلي في ظل سلطة كهنوتية راقية.
الهيكل سلیمان…
الهيكل الذي بناه سلیمان، والذي من بقاياه اليوم “حائط المبكی” الذي يتخذه اليهود حجة لهم في استملاك اورشلیم، هذا الهيكل اليهودي بني وعلى اقدس تلة من تلال اورشليم الكنعانية، وعلى أساس هندسة كنعانية وفن کنعاني قام بها أبناء صور.
ثم نأتي إلى بيت القصيد من هذا السرد عندما نعرض قصة امتحان الله الايمان ابراهيم إذ طلب إليه أن يقدم ابنه اسحق ذبيحة، فترى أن الله لم يختر الابراهيم مذبحاً من المذابح التي كان ابراهيم قد أقامها لنفسه بعد مجيئه إلى أرض كنعان، مثل مذبح بلوطة موره، أو مذبح بيت إيل، أو مذبح حبرون، بل أمره بأن يذهب إلى أرض الموريا في اورشليم. وهناك على تلك التلة الكنعانية المقدسة، أجرى الله معه الامتحان الخطير في الأيمان المطلق، وكانت أورشليم ولا تزال کنعانية مائة في المائة.
من متابعة دراسة ما ورد في العهد القديم عن تلة الموريا، يظهر لنا أن التلة كانت لها حرمتها القدسية التي خصها بها الله، وكانت هذه القداسة معروفة عند الكنعانيين، وعنهم أخذها اليهود. ومن الطريف أن نضيف ان اورشليم، بعد خضوعها للسيطرة اليهودية منذ عهد داود، بدأت النعوت المقدسة تتقلص عنها رويداً رويداً، كما يتضح لن يتتبع تاريخها في العهد القديم، إلى أن وصمها المسيح « بقاتلة الأنباء وراجمة المرسلين اليها، وانذرها بخراب هيكلها الذي لن يبقى فيه حجر على حجر.