مصدر الأوجاع والمرض عند الانسان
:Written by
لماذا تُصيب شخصاً وتغفل آخر؟ لقد ساد الإعتقاد أن سبب أمراض الجسد هو الجسد نفسه فقط، أي أنها تنشأ في الجسد وتنتهي فيه. ومع تطور الطب، ظهر علم الطب النفسي ليتناول تأثير النفس البشريّة وما تحويه من مشاعر وأحاسيس على الجسد، وتفاعلاتها في الكيان ككل.
وقد أظهرت الأبحاث في هذا المضمار أن المرض ينشأ إما في النفس أو في الجسد، لكن العلوم الطبيّة لم تقف عند هذا الحد، بل أكملت البحث لتطال علاقة الفكر بالصحة.
وقد أظهرت النتائج، مدى تأثير طبيعة الأفكار في الدماغ البشري على جهاز المناعة، فالعصبيّة على سبيل المثال، والتي يسببها التوتر والفوضى الفكريّة بالدرجة الأولى ترفع نسبة الكورتيزول والأدرينالين في الجسم مما يؤثر سلباً على جهاز المناعة.
والعدائيّة كإحدى حالات التفكير السلبي، تزيد من إحتمال الإصابة بأمراض القلب أكثر من
الكوليستيرول العالي أو الوزن الزائد. أن الافكار المريضة تعبر عن نفسها بجسد مريض،
كما وأن أفكار الخوف قادرة على قتل صاحبها بنفس سرعة الرصاصة. وعلى العكس، فالإيجابيّة في التفكير تؤدي إلى تحسّن جهاز المناعة عبر زيادة نسبة الخلايا المقاومة للفيروسات والأمراض في الدم.
أن الفكر أساس كل شيء في حياة الإنسان،هو أساس حالة الإنسان الجسديّة والصحيّة والنفسيّة والعقليّة. فإن كان التفكير صحيحاً، سليماً وإيجابيّاً وتلازم مع تطابقه بالقول وتطبيقه بالفعل، عندها يشعر الإنسان بالإستقرار والسلام الداخلي، تهدأ المشاعر وتستكين الأحاسيس فيعمل الجهاز العصبي برتابة مريحة ، ويشعر المرء بالنشاط الفكري، براحة البال والهناء مما سينعكس حتماً كصحّة جسديّة سليمة.
بالمقابل، فإن أسلوباً خاطئاً في التفكير يجعل المرء يعيش في حالة فكريّة سلبيّة تتّسم بالعشوائيّة والإضطراب فتنعكس حالة القلق والصراع الحاصل بين تصرفاته الفعليّة وما تقتضيه طبيعة تكوينه كإنسان من تصرف، تنعكس في بُعد المشاعر كخوف وقلق وإضطراب، وفي الجسد كخروج الجهاز العصبي عن إيقاعه المعهود ونقل إضطرابه وتشويشه للأعضاء الجسديّة.
وبسبب هذا الإضطراب يشعر المرء بضيق في التنفس، أو بألم في المعدة، أو بإنقباض في منطقة الصدر، أو بصداعٍ في الرأس أو حتى بتسارع غير مريح في نبض القلب. وإذا ما حاول المرء إزالة أو تناسي تلك الأفكار، فهو سيرتاح (مؤقتاً) ، لكن الألم والإضطراب لن يزولا كليّاً إلا إن هو نظَّم وقته وأعماله ، وواجه مشاكله، ووجد لها حلاً أو أسلوباً إيجابياً للتعاطي معها. أن كل حادثة أو حدث أو واقع حياتي يجب أن يؤخذ كمسألة تستوجب التفكير والفهم
والإستيعاب. كما أن كل دقيقة فراغ يجب أن تصبح وقتاً مخصصاً للتفكير والتمعّن والغوص في خفايا الأمور. ولا ننسى أهمية دور المشاعر في حياة الفكر، وعلاقتهما كعاشقين متيَّميْن وليس متخاصمين بعيديْن، كما يُعرف عنهما. فالمشاعر هي التي تُدخل عنصر الشفافية
إلى الفكر، كوعي متطور إثر التجارب والإختبارات…
والفكر هو الذي يُدخل النضج والرهافة إلى المشاعر، كوعي حياتي وينعكس كل ذلك صحة على مستوى الجسد. لذا فإن التواصل بين الإثنين جوهري ، وإلا جاء نتاج الفكر جافاًوعبَّرت المشاعر عن سذاجة!