الدين و الماسونية
أخر الأخبار

فكرة وجود الله

فكرة وجود الله

 

دخلت الإنسانية طور علم وتقدم وتقنية، وتفتحت أنظار الإنسان وأفكاره على أسرار الكون، واشتد الصراع بينه وبين تحديات الوجود من أجل امتلاك الأسرار ورغبة في البقاء. استأثرت بتفكيره الأسرار الروحية التي واجهته في بدء تكوينه وخلال مراحل تطوره، وتمثلت له لغزاً وسحراً وأعاجيب تفوق طاقة عقله وتتعدى مدى إمكاناته وحدود أدراکه.

 

استأثرت بتفكيره واستحال عليه فك رموزها واستنباط معانيها واستخلاص معالمها. تأملها مفروضة عليه بعامل الوراثة. تصورها حقيقة مطلقة وإيماناً مجرداً، لا مجال للجدل في حيثياتها. تقبلها دينا أنزل عليه، مقروناً بالطاعة العمياء.

 

اقتنع بصوابها، وحارب من أجلها كل من لا يؤمن إيمانه ويعتقد اعتقاده. اعتبر كل من يرى نقيض ما يراه ويقول خلاف ما يقوله، خارجاً عن العقل والمنطق، ووَصَم بالكفر والإلحاد كل من يخالف هذا الناموس وهذه الشريعة.ظواهر غريبة في صراع دائم مع المجهول، وقوى خفية تهيمن على الكون والخلق وتسيرهما بحسب نوامیس مبهمة، وأطلق عليها إسم القدرة، قوة الخير والشر. واختلفت هذه التسمية فيما بعد حتى أصبحت : إيل يهوه وهرمس و زوس والله ومهندس الكون. قوة الخير والشر، آمن الإنسان بوجودها وراح يبحث في مصدرها وجوهرها. فكانت قصص الخلق والخليقة، وكانت الأساطير والخرافات، والنعيم والجحيم، وكانت الآلة والسحرة والمشعوذون والمنجمون، وكان الخوف، الخوف من المجهول الذي يدفع بالإنسان إلى الاعتقاد ان كل كارثة أو مصيبة تحل به، إنما هي فعل إله الشر، فيقيم الصلوات والترانيم والابتهالات لطرد الروح الشريرة، أو التهدئة آلة الشر واسترضائه.

 

آمن بوجودها لأنه لاحظ وجودها في دورة الشمس وأثرها في التفتح والنمو والنضج وفي دورة القمر وأثرها في الخصب، راقب عوامل الطبيعة هذه وتابعها، وتقصاها، فتفاقمت حيرته  لدى ملاحظته نمو القمح من غير أن يرى القوة الكامنة وراء هذا النمو أو أن يتصورها، وزاد إيمانه رسوخاً بأن قوة خفية تكمن وراء هذه الأحوال الراهنة.

 

لاحظ القوة ولم يرها، إنها حقيقة. أدركها بحسه لا بعقله، حقيقة وجود قوة غير منظورة، مجردة: الله …فبدأ الإنسان، مع فكرة الله، يرضى بوجود غیر منظور، بوجود رمز، بوجود فوق. وبدأ إحساسه يسمو عن التراب، فنسب كل حسنة إلى فوق، وكل سيئة إلى تحت، وخلق لنفسه وجوداً غير موجود، فاضطرب الوجود، واختل التوازن، وواجه الإنسان صراعاً مخيفاً.[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى