أسطورة أو وهم المخلص عند اليهود والمسيحيين أو المهدي المنتظر عند الإسلام تبقى في سياق الأسطورة، فالمخلص لا يأتي ولا يخلص. ويبقى الناس في انتظاره صابرين على المعاناة لا يفعلون شيئاً لتخليص أنفسهم.
وهذه الفكرة المرضية في أساسها، يهودية الأصل. نبتت عند اليهود مع طول معاناتهم القديمة، وبؤس أحوالهم في القرنين السابقين على ظهور المسيح، والقرنين التاليين. ولم يكن بأيديهم ما يعينهم على البقاء، إلا انتظارهم للبطل الذي يخلصهم من الظلم والهوان، ويحقق وعد (عهد) الرب لهم بامتلاك الأرض الممتدة من النهر (النيل) إلى النهر (الفرات) وكانوا يسمون المخلص: ملك اليهود، الماشيح.
ولما ظهر السيد المسيح الذي نعرفه، لم يرض به اليهود، ولم يرضوا بالذين سبقوه وتلوه من المخلصين، وهم بالمناسبة كثيرون، لا يقعون تحت الحصر.
المسيحيون ينظرون إلى اليهودية باعتبارها مقدمة لديانتهم (العهد القديم)، و لم يعد لهم مبرر للوجود بعد قدوم بشارة المسيح (العهد الجديد). فيما يرى اليهود أن المسيحيين يعيشون على الخرافات لأن المسيح (الماشيح) المنتظر لا يزال منتظراً و لم يأت بعد إلى هذا العالم ليجعل اليهود ملوكاً على الناس كما وعدهم كتابهم المقدس التوراة.
وفى الزمن الإسلامي، لما اشتدت الأيام على آل بيت النبوة، وظل الأمويون والعباسيون يتعقبون ذرية الإمام على بن أبي طالب وزوجه فاطمة بنت الرسول، بالقتل والفتك والمفزعات؛ ظهرت عند الشيعة عقيدة المخلص (المهدي المنتظر) وعكفوا عليها قرونا طوالاً من الزمان، يتصبَّرون بهذا الحلم فيتحملون واقعهم المرير.
صار المخلص في أعماقنا، وأوهامنا، مرتبطاً بالشجاعة والإقدام والبطولة العسكرية والحلول العبقرية والنهضة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والبهجة النفسية والأحلام الهلاوسية والفرص الضائعة المجانية والمواقف الهزلية والنهايات المأساوية. ومرتبطاً بالطبع، بحالة القعود الأبدية الأزلية! فلا نحن نخلِّص أنفسنا من حالة (البين بين) ولا نحن يأتينا من يخلصنا منها.
وبطبيعة الحال، فإننا لن نخرج من حالتنا المرضية المستعصية هذه، إلا إذا طرحنا من عقولنا وقلوبنا هذا الوهم المسمى (المخلص) وإلا فسوف نظل طويلاً قاعدين، لا ننهض تماماً، ولا نموت تماماً.
فكرة منطقية، وطرح جميل.
بل فعل فكرة منطقية اعجبني طرحكم جدا