الشرك بالله
الشرك بالله… هو عدم المشاركة بنعمة الله، ما هو الدافع الأناني الذي يمنعننا من المشاركة أو المساهمة بالقليل من العطاء الإلهي؟ من إماطة الأذى عن الطريق أو الابتسامة إلى رفيق أو وردة أو كتاب أو زيارة مريض أو أي نية مشاركة بها صديق أو عدوّ، غريب أو نسيب، المسامحة لأي إساءة أو أي ألم أو أي أذيّة.
ما هو هذا السّور الذي بنيته بينك وبين الله؟ نعم إنّه الجهل، إنّه الخوف والإنسان عدو ما يجهل، والحلّ هو في التأمل وفي الكتاب الذي تراه العين وتحياه البصيرة قبل البصر. كتابك في يمينك وفي أمامك وما عليك إلاّ أن تختار ما هو الأفضل لإزالة هذا الجدار الذي يحجب عنّك النور ويدفعك إلى النار.
الآن نستطيع أن ندفع بالتي هي أحسن… والدفع ليس ماديّاً فحسب بل من قلب المحب حيث لا رغبة ولا غاية بل فيض من كرم الله إلى الله….
ولكن بداية الطريق هي الطريق إلى الحق، عليك أن تعرف نفسك أولاً عندئذٍ تعرّف على حقيقة وجودك في هذا الوجود وعلى سرّ المشاركة والكرم في هذه النعمة والجهاد النفسي والجسدي والروحي والمادي في سبيل الخلود في جنة الخلود.
إنّ اللذين جاهدوا بأموالهم وبأنفسهم كالأنبياء والخلفاء والحكماء وغيرهم من أولياء الله هم الكتاب الحيّ المبين الذي يرشدك إلى كتابك الحيّ في كيانك، ويسخّر لنا الله جميع الوسائل التي تساعدنا في رحلتنا هذه.
إنّ الحج ليس ضجيج وعجيج بل هو قفزة تجاوزيّة من الفكر إلى التفكّر ومن التفكر إلى التذكّر ومن التذكّر إلى الله، وهذه هي تذكرة المرور إلى عالم النور. على منابر من نور في لحظة القيامة. والآن وهنا نستطيع أن نختار ما تريد وأن تشارك القريب والبعيد.
فلتختار المودّة التي تُقرّبنا من أنفسنا ولنترك العداوة التي تبعدنا عن أنفسنا وعندئذٍ نشارك ونجاهد بما ملكَت قلوبنا من رحمة الله.
ما هي القدرة ومن أين تأتي؟
إنّها لمسة شفاء من الرسول الله والمسيح والأمومة والمحبة والرحمة. إنّها قدرة إلهية إلى أهله، أهل الثقة بالله وبأنفسهم. إنّها رغبة رحيمة وحميمة لشفاء الألم والجهل والخوف. إنّها نسمة حياة من أمنا الأرض. إنّها عطر الوردة، وما الوردة إلاّ التأمل ومن هذا المفتاح يفتح الفتّاح القدرة الساكنة في القادر الساكن في لبّ الكائن وتنساب هذه النعمة عبر الإنسان الذي هو خليفته وحبيبه وخلقنا ليُعرف. أي أن الإنسان هو محبة الله على الأرض.
تأمل بهذه المعجزة. ازرع حبة قمح أو بذرة زيتون أو شجرة ليمون واهتم بها ويأتي الربيع وتُزهر وتنمو بالعطر وبالحياة إلى جميع الجهات حتى أقاصي الأرض والسماء. الريح يحملها والماء يطوف بها والإنسان يُكرّمها، وما هذه البذرة إلاّ من عند الله وما هذا الخليفة إلاّ المُزارع والراعي والمسؤول عن هذه القدرة الإلهية.
ولكن إذا لم تزهر الأشجار لن تُعطّر السماء، وهذا هو سرّ النعمة الإلهية في الإنسان. كل مخلوق عنده الإمكانية لنشر العطر الكامن في لبّه. وعطر الرحمة لا ينتشر إلاّ بموت الأنا عند المخلوق. القدرة هي ذبذبات من نور للشفاء من الأمراض الجسدية والفكرية والنفسية، وما هذه الطاقة إلاّ الرقية الإلهية التي ترقي وتُنقّي الإنسان كما تفعل بجميع مخلوقات الله. كل مَن يسبّح الله يتلقى هذه القدرة من القادر الذي يُقدّر قدرنا حسب قدرته لنا.
كيف نتعلم هذه القدرة؟
إنّها لا تُعلّم ولا تُعلّب. هي ليست مادة تعليمية ولا تستطيع أن تديرها لأنّها أبعد من حدودنا وقدراتنا، ولكن بالتأمل نحصل على نعمة التعقّل والتوكّل، وفجأة دون أي إشارة أو إنذار تفيض منّا هذه القدرة الفريدة عن فكرنا وجسدنا وتطوف حول العالم والوجود.
بدون تأمل تبقى هذه الطاقة مجرد انفعالات فكرية، ولكن بالتأمل تسمو وتنتقل إلى مرتبة النمو الإلهي حيث اللقاء مع الرحمة الشافية. الرقية والرحمة عملة واحدة تُغيّر الإنسان من كميّة إلى نوعية ومن عدد إلى عدّة فريدة.
الانفعال طاقة دنيوية والرقية طاقة سماوية. الانفعال يتحرك باتجاه الرغبات والشهوات والرحمة طاقتها إلى عيش اللحظة بدون أي رغبة بل الرضى والتسليم إلى هيكل الله. العاطفة هي مهنة أو صنعة لتنسى التعاسة والألم في حياتك بينما الرحمة هي طاقة حياة لتُحيي فينا احتفال البلوغ إلى سدرة المنتهى حيث المشاركة بجميع خيرات الأرض والسماء.
هذه الطاقة الرحيمة تُتمم مكارم الأخلاق السماوية ونحيا قدرنا الذي كُتب في رحمنا وحملناه معنا منذ ألوف الأجيال والأجيال، وحان الوقت لنتعرّف على أنفسنا وعلى هذه القدرة الإلهية الساكنة فينا وأن نحيا الدور الذي من أجله أتينا إلى الدنيا ومنها إلى بيت السجود والخلود.