السنوات السبع
علَّتنا سرٌّ في سرٍّ، سرُّ شيء يظل محجوباً، سرٌّ لا ينقله غير سرٍّ آخر؛ إنه سرٌّ على سرٍّ محجوب بسر؛ علَّتنا الحق، وحق الحق: إنها الظاهر، وباطن الظاهر، وباطن الباطن؛ إنها السرُّ، وسرُّ شيء يظل محجوباً، سرٌّ يكتفي بالسر.
كما يتدرج الإنسان في اطوار الحياة من الطفولة إلى الشباب فالكهولة هكذا يتدرج الأخ الحر في سلم الحياة الماسونية، فالسنوات السبع هي الدورة الثالثة التي يكتنفها الهدوء والسكون، دورة الفلسفة والحكمة، دورة الفكر العميق والنضج، ويقال في الحقل المادي أن السنوات السبع هي التي تم فيها بناء الهيكل.
وان سبع سنوات مرت على قوم لوط الذين انذرتهم الملائكة بان الله سيرسل عليهم ناراً وكبریتاً استمروا في اقتراف الموبقات. وان السنوات السبع هي التي اتم بها نوح صنع سفينته، وفي السنوات السبع يستكمل الأستاذ نضجه فينتقل من حياة العامل الى حياة البناء الكامل.
وقد ميز العدد سبعة لانه يدل على تقدم محسوس بجمع العددين اللذين يرمزان إلى الخطوط الضرورية لصنع الرسمين الأولين من علم هندسة وهما الشكل المثلث الزوايا والشكل المربع الأضلاع.
والعدد سبعة له أهمية عظيمة في الطبيعة اذ ان الطيف الشمسي يعطي سبعة الوان ويوجد سبعة انغام موسيقية، وكل دورة قمرة تركب من سبعة أيام، ولان راصدي الكواكب بينوا السيارات السبع المهمة وهي بنات نعش الكبرى وبنات نعش الصغرى، وهناك بروج يتألف كل منها من سبعة كواكب. وكان الأقدمون يعرفون سبعة معادن ولأن مؤلفي التكاريس القديمة ثلاثة منها كانت ترمز إلى الطبيعة الأدبية واللاهية واربعة إلى الطبيعة المادية و مجموع هذه الاعداد كان عندهم بمثابة مثال الكمال.
ويقولون ان العدد سبعة هو العدد الكامل ولذلك وجدت عجائب العالم السبع وحكماء اليونان السبعة، ولما صدر مؤلف الحق اليوناني المسمى “مجموع الفتاوی”، قسمه واضعوه إلى سبعة اجزاء.
والرقم سبعة ليس من اختراع اليهود في توراتهم، بل هو رقم مقدس موجود قبل كتاب موسى التوراتي، وقبل يوم السبت في التراث اليهودي. وما علينا سوى الرجوع إلى الأساطير القديمة لنعاين فيها المزهريات السبعة في معبد الشمس بمصر العليا، النيران السبعة المشتعلة منذ الأبدية على مذبح الإله ميترا، المعابد السبعة المقدسة عند العرب، الجزر السبعة والبحار السبعة والأنهار السبعة في الهند، الآلهة السبعة القوطيين، العوالم السبعة والأرواح السبعة عند الكلدانيين، الأجرام السبعة التي ذكرها هوميروس.
وكل هذه الرموز تعني أيضاً الأجناس البشرية السبعة التي ذكرتها كتب الهندوس المقدسة، وعلى الأخص كتاب Rig-vida، حيث كانت قد ظهرت للوجود أربعة أجناس بشرية؛ وقد اندثرت كلها. ونحن الآن في الجنس البشري الخامس؛ وقد بقي للبشرية الجنسان البشريان السادس والسابع قبل حدوث الانهيار الكوني للنظام الشمسي برمَّته.
كما درجات الهيكل السبع تدل على الفنون الحرة السبعة التي ترفع من يمارسها من الاحرار، وترمز كذلك إلى العيوب السعة الرئيسية التي داسوها با قدامهم حتى سيطروا على نفوسهم، وهكذا نحفظ العدد 7 کعدد خاص لاسمى الدرجات الرمزية بسب قيمته العلمية والتاريخية.
إن عرس قانا الجليل أو العشاء السري اللذين يحدثنا عنهما الإنجيل يرمزان إلى نوع من تلقين الأسرار الذي يحدث بعد أربعة أيام من التجارب وثلاثة أيام من الهبوط إلى الجحيم (3 * 4 = 12)؛ ووجود المسيح وسط الحواريين هو في الحقيقة رمز لوجود خريستوس، المبدأ السابع في الإنسان، والمبدأ السابع في الكون أيضاً. ففي المراحل الأخيرة من تعلُّم الأسرار الكونية، يدخل المريد بهذا الرمز لتحقيقه باطنياً.
ونكتفي بهذا القدر… فاللعب بالأعداد خطر، لأن كل ما سبق وأوردناه قد يكون في منتهى الجدية، لأنكم، إن تفكرتم به في هدوء وروية، قد تنفتح أمامكم آفاق في منتهى العمق الفلسفي وفي منتهى الروحانية.
أسئلة ما هي إلاَّ بداية الطريق لمن أراد الغوص في أعماق “جحيمه” عن طريق عقله وقلبه، لكن كلَّ ما أوردناه قد لا يكون، في المقابل، إلا هراء في نهاية المطاف، أيها السادة! لذا فإن نصيحتي الأولى لكم، وقد أتممتم هذه المشاهدة المملَّة، هو أن ترفضوها بالكامل، مكتفين بما علموكم من شرائع تحافظ على هدوء نفوسكم ورسوخ إيمانكم، فلا تفكروا بـ”المحظور”، بـ”المسكوت عنه”، أو تحلقوا بالخيال وتشطحوا ما قد يقودكم إلى التهلكة!
لذا فإن نصيحتي لكم – وأقولها بكلِّ إخلاص – هو أن تبقوا على ما أنتم عليه!