الإنسان والعقل الجزء الأول
الإنسان والعقل … إن فكر الإنسان البناء يوماً في نفسه قد يستغرب في أمره، وإن فكر في عقله لا يجد سبيلا إلى فهمه، لماذا؟
كل شيء حول الإنسان يحيط به تساؤلا وأول ســؤال هــو عــن أنفسنا: من نحن؟ وما هو العقل؟ فكان البحث عن أمر الإنسان والعقل صراعاً فــي المبادىء والأفكار وكذا العقائد والديانات. وجد الإنسان أن أجدر ما يجب أن يعرفه هو المعرفة والبحث عن العلم قبل البحث عن نفسه أو البحث عن عقــلـه فــي عقله، فيرجع الى بدايته ليجد أنه ولد وما معه من عتاد أو زاد، ودون علم أو معــرفـة أو تمييز بين الخطأ والصواب. تماماً هو وكانه يخرج من غرفة التامل لولادته الجديدة، وما من أحد يولد ويأتي من مكانه المجهول غيـر مــسـتـأذن لأحد ولا طارق لباب، لا يعرف نفسه ولا يُعرِّف عن نفسه ثم لا يعرف عنه شيء لم يــكـن شيئا فأصبح شيئا بين الأشياء، كان في العدم واصبح في الموجود، يعتني به ويعطى له اسم دون اختيار فيتعلم ممن يحيــط بــه فيجد أن مسطرة الحياة جعلت دون استشارته، هذا في حياته المادية العادية، ثم يتعلم ذلك مـما يــحــيــط به ومــن تــجاربه واكتشافاته ، والعقل دليله، وهنا عقله في عالم البنائية هو المرشد، ودليل العقل العلم، والعلم هنا هو المسار الاسراري في رحلاته الثلاث، وبالمعرفة المبهمة يطرح الطالب السؤال مـن أنا؟ فيكون هو نفسه سؤالا في الحياة.
مدرسة الحياة:
كل فرد منا وجد نفسه أنه خلق بين الناس، وقد سبقوه إلى الحياة ،كيف تأخر في قدومه؟ ولِمَ لم يكن هو أول الخلق حتى يعرف خلقته؟ هذه الدنيا أمامه والطبيـعـة مــدرسة لــه، إنــها لأول مدرسة تعلمه ما لا يستطيع أحد أن يعلمه، فحين شعوره بالبرد يبحـث عــن الــحــرارة فيتعلم معنى الحرارة والبرودة، ثم بالليل يعرف النهار، فكانت هذه معرفة تفرضها الطبيـعة وعلما أوليا لا يمكن الهروب منه، وما اخترع الإنسان شيئاً، إنما يكتشف كنوز الطـبــيــعــة فيستغلها ويرتب ما يكتشفه ترتيباً خاصاً بالعقل فيجد الأشياء كأنها خاضعة له، وينــسَــى أنه أيضا يخضع لأشياء دون إرادته كما علمته الطبيعة. إن أول من يُستغل في هذه الحـياة لهو الإنسان نفسه كأن الطبيعة تستغله لنفسها لتعرف نفسها بعقل الإنسان. فليفـكر الإنــسان أن كل ما حوله مخلوق مثله، وليتوسعَ بفكره في الأشياء التي هي قبـله فــي وجــودها. إنــه رتب أشياء وجدها في الطبيعة والطبيعة نفسها مرتبة فيها أشياء، الــشــمــس فــوقــنا، والنجوم ساطعة، وكل ذلك في فلك سابح ، والإنسان سابح في نفسه وعقله كمتخبط في دمائه
لا يدري ما الذي أصابه. منذ متَى والوجود موجود، وكيف وجد أول مــرة؟ إن الــطــريـق لطويل الى الوراء ومن هنا لا يسمح للبناء بالسير الى الوراء اثناء تجواله في محفله مخافة ان يحصل له التيه وخاصة وهو في الدرجات الرمزية كون تراتب الاشياء لم تتم له بعد بدقة فهو توارث العلم ولم يرث معرفة نفسه كاملة إلا بوسيلة دين أو عقيدة، وفي ذلك أجوبة وأسئلة. وما الدليل على الحقيقة؟
دور العقل:
يولد العقل مع الإنسان ساكناً فيه وما معه من معرفة أو وسيلة تفكير، ودون فـكـر أو قــوة إدراك، لا يعرف نفسه بنفسه. وما هو بشيء بين الأشياء، يُعتنى به بالعلم والتفكير دليــله، والحقيقة مبتغاه، وأي حقيقة هي؟ حقيقة مجهولة، ويسعَى الإنسان أن يبعد عنـه الــجــهــل، فينطلق باحثاً مفكراً بعقله في عقله بتفكيره لعله يجد نفسه في نفســه، أو أن يفهــم ما حــولــه بدقة، فيريد تركها ليفكر في داخله، في عقله، فيجد أن للعقل مراتب كثيرة، وأن في العقل صورة أخرى للطبيعة التي أراد الخروج مـنها، والتي جعلته بفكره منحصراً فيها، إلا أن هذه الطبيعة غير منحصرة كالأولى، إذ بالـخــيــال يسبح فيها دون أجنحة، ويجد فيها صحراء أخرى وشمساً وقمراً وأشجاراً بفاكـهـة لا يــأكــل منها وإن أكل فبخياله، وإن تطور فبفكره. وجد أن عقله منحصر بخياله فـي خــيـالــه وفــي الطبيعة التي يعيش فيها.
تعلم الإنسان من الطبيعة الثانية التي في عقله بفكره أنه يعيش فيــها بتفكيره وخياله ولم تعرِّفه على نفسه ولا على عقله، ولا يجيب العــقــل أبــدا عــن تــســاؤل الإنسان، إذ الــعــقــل هو السؤال في الإنسان كما أن الإنسان هو السؤال في الحياة. فـكـيـف الجواب على سؤال بسؤال؟ إنه لحق إذ تميز الإنسان بالعقل ولكن العقل كان أساس تمييزه على أنه إنسان بعقله فقط، كما تعلم بتمييز عقله أنه في حمقه يفقد تمييز فكره، وقد انطلق منذ بدايته باحثاً عن الــمــعــرفـــة لتنمية أفكاره، وكان بحثه دليلاً على جهله. إن الجهل أول شيء يعرِّف العلـم، واخــتــلاف العلم أول دليل على الجهل، ثم إن العلم منحصر فيما يتوصل إليه الإنسـان مــن مــعــرفــة، وبانحصاره ينحصر التفكير إذ أن التفكير يعيش كالإنسان في عالم العلم فيقف العقل حائراً في عالمه كما يقف الإنسان حائرا في طبيعته.
الموت والحياة:
ويبقـى الســؤال عــن المــوت، وســر الحياة، وكأن العقل هو الذي يطرح كل سؤال على الإنسان، وكيف يجيب الإنسان عــقــلــه وهو يسأل بعقله وفكره؟ وفي بعض طرق البحث عن المعرفة ، طريقة أقصَى مـا فــيــها أن يتجرد الإنسان من أفكاره ومما تعلم في الحياة ليجد الحل بالعقل المجرد من التفكير والـصور وإبقائه في عالم الحس السادس. ولكن العقل كانت أبوابه مقفلة، والبحث يطول أمده ويفــكـر الإنسان أن لا داعي للبحث عن نفسه، ويلزم نفسه بالاقتناع على أن الحـياة إنــما هــي حــياة مجردة من كل حقيقة. والإنسان إنما هو شيء يموت ويحيَى. ولم يمت العقل بهذه الفـكــرة، والعقل هو أقوى من كل الأفكار إذ يتجرد منها أو يأخذها إليه.
قيل إنما أفكار الحياء من أفكار الأموات: وحقاً ما أكثر ما كتب، وما أكثر ما نقــش عــلــى الحجر من علم ، وإن عظمة الأهرام لتبقى مجرد تفاهة وضياع وقت وقوة عقل، إذ تــبــيــن للناس أن الفراعنة عاشوا حياة خالية من كل حقيقة لاعتقادهم ما اعتقدوه عن حقيـقة الإنــسان وبعثه وقد افتخروا بما استغلوه من قوة هي في الطبيعة كما تستغل الآن هذه القوة التي سـميـت عند الفراعنة بالعولم السرية التي لم يكن يسمع بتلقينها الا الى النخبة الخاصة المختارة، وتسمَّى الآن علماً، ولكن طريقة الاستعمال هي التي اختلـفــت وحــدها. وبقي العقل سائراً في طريقه، حراً في نفسه، يجبر الإنسان عن البحث كأنه هو أساس كائـن بنفسه جاعلا أيدي وأرجلاً لا وجود لما سمي بالإنسان إنما العقل هـو الإنــسان. قــد يــفــقــد الإنسان الوعي، ولكن هل يفقد العقل؟ وقد يحطم الدماغ، وهل يحطم العــقــل؟ إن الإنــسان والعقل شيئان مختلفان مندمجان في شيء سمي بالحاسة السادسة، فيأخذ العقل شكل الإنـسان نفسه في عالم الحس فيعيش به الإنسان عالماً آخر يظنه عالم الحقيقة ، ولكنه يبقى مجرد عالم العقل الذي يعيشه العقل وحده قبل أن يدخل إليه الشكل الذي هو الإنسان.
خلود الروح:
إن سعي الإنسان في كل بحث لمختلف وكثير، وكل يتحدث عن مراتب وقوته على حــسب ما يسعى إليه فقط، والهدف الحقيقي للبحث العميق لكل حقيقة عن الإنسان إنـما هــو ســعــي للخلود. انطلقت أفكار حول الروح والبحث عن معالمها، وظن كثير أنه قد يمـســكــها فــي معرفتها بطرق محكمة، ولكن كان هناك العقل في تلك المعرفة بدلا من الروح، وما عــرف الإنسان شيئا لا عن الروح ولا عن العقل.
نجد في الحياة علوما كثيرة نتعلمها وفلسفات كثيرٌ منا متشبث بمبادئها لأنها توافق ما يسعَى إليه، وإن كل فيلسوف في القديم قد عاش فلسفته وطبقها، وقوله إنما هو مجرد ما اســتـنتجه فكره وقوة عقله ، وليت الناس اليوم يطبقون ما يعتقدون ليتبين لهم أن كل فيلسوف إنــما هــو استنتاج وليس بحقيقة ثابتة ، وأن كل علم لابد له من تطبيق ليأخذ صبغته الحقيقية، حتّـَى لا يبقى مجرد أفكار وحتى لا يضيع عقل الإنسان بين البحث عن الحقيقة والخيال.
إن الخيال يسكن العقل وهو في نفسه له عالم صوري غير مقيد بتوازن كالتوازن الطبيعي، يبحث الإنسان بخياله عن أساس كل شيء وكأن الخيال هو كذلك يسعَى أن يعرف نــفــســه بقوة العقل كما يسعَى الإنسان أن يعرف نفسه بعقله. والطبيعة تسعَى أن تـعـرف مكــنــونــها بوسيلة عقل الإنسان، فصار العقل هو الذي له المرتبة الأولى إذ يشمل قوة البحث عن ســر كل حركة وتبقى حركته هي المجهولة لدينا، وإنما تتحرك فيه الأفكار ويتحرك فيه الــخــيال كما يتحرك كل شيء في الطبيعة . والخيال ينقسم إلى خيال فكري، وآخــر صــوري، كــما ينقسم العقل إلى عقل خيالي فكري وخيال صوري، والعقل مجرد شامل للحواس الخــمـس ثابت في الحاسة السادسة التي يعيش للإنسان بواسطتها عالم الأحلام المتركزة بين الـشـعــور واللاشعور.
قوة العقل:
إن حركة الشعور في العقل واللاشعور بالعقل يكمن سرها في نقط الجسم الحساسة والتي بوسيلتها يتم تحريك درجات العقل بتحريك أعضاء جسم الإنسان، كما أن العقل تكـمن فــيــه قوة الحركة الكلية للجسم، وإن تمكن الإنسان بطريقة موضوعة على جمع الحركتين يستطيع بقوة العقل أن يخرج بها خارج الجسم فيتم تحريك أشياء قريبة أو بعيدة عــلــى حــســب قــوة الإدراك للأشياء، كما تتم المكالمة الصورية أو الفكرية بين اثنين عـن بــعــد أو قــرب بــمــا يكتسبانه من قوة الحاسة السادسة، وحركة اللاشعور لا يمكن التحكم فيها وحدها إلا بالــقــوة الشعورية، ويكون ذلك جزئيا أو نسبياً.
قد اتجه كثير من الباحثين إلى استعمال القوة السادسة للحواس والسيطرة بها عـلــى القــوَى اللاشعورية لدخول مرتبة العقل العلوية أو ما يسمَّى بالعقل الفعال وهو فــوق كــل حــاســة، وتسمى عند المتصوفة بالحاسة السابعة، والمراد من ذلك هو الاتصال بإدراك العلوم الكــونية بالإلهام الخارج عن موارد الطبيعة، وهذا لا يتم أبدا لأن الحاسة السادسة لا تستقــل وحــدها في قوتها إذ الحواس الخمس تتحكم فيها تحكما دون انفصال، وإذا تم انفصال ما، فبالـمــوت وينقطع ما يسمى عند الهنود بالخيط الفضي، ولا يمكن للعقل بعد ذلك الرجوع إلى مــرتبــته الأولى مع الحواس الخمس، وقد يستعمل الكثير قوة الغيبوبة في درجات كثيرة وذلك يــتــم بطرق علمية، وهذه الغيبوبة أساسها انقطاع الحواس الخمس وتجمعها في الدماغ عند العقــل ثم تركيز القوتين بدرجة كبيرة ليتم للعقل أن يخرج من الجسم نهائياً، والرجوع إلى الجــســم يكون صعبا ومؤلما ، وهذه الطرق متطورة كثيراً في اليوغا، ولكن إدراك الـعــقــل لا يــتــم بصورة للإنسان نفسه في عالم العقل ولا يمكن هكذا الاتصال بالقوة الخـــارجــيــــة للــكــون والتخلص من الطبيعة أو الجسم.
وأما الدرجة الحيوانية للعقل فأساسها محو قوة الأفكار والخيال، والتركيز الكلي للعقل يـكون بالقوة الصورية دون أن تكون مندمجة مع التفكير، وهذه الطريقة لا تبعد العقل عن ســجـنــه ولا تخلصه مما يرتبط به، والإنسان الذي يسعَى إلى فصل العقل عن الحواس أو فصـله فــي مراتبه ودرجاته كأنما يسعَى إلى فصل أعضائه عن جسمه.
الصمت والتأمل:
كأن الإنسان خلق جماداً، ثم تسرب إليه شيء جعل فيه حركة وحياة ففتح عيــنــيــه ورأى الطبيعة حوله، فبسر الحياة فهم الإنسان ما حوله، وبحياة جــســمــه شــم الإنســان رائــحــة الأشياء، وكان الإدراك بالحواس الخمس. وحاول الإنسان التمييز بيــنها، ثــم دخــل إلــيــه الخوف والطمأنينة، ثم الحب والكراهية، وكانت حياة جسمه هـي أســاس مــا يــحــس بــه، ويشعر به، والحياة هي التي جعلت للدماغ قوة يجلب بها قوة العقل ولا شيء يبقى للإنسان له معنَى أو حركة إن ذهبت الحياة . وحياة الجسم لا تعني شيئا إلا بحياة العقــل، فــكان الــدماغ شيئا ملموساً والعقل فيه خلاف ذلك كما أن الجسم ملموس والحياة فيه غيــر ذلــك، واتــجــه البحث على أن بموت الجسم ترحل الحياة إلى العقل، ومهما أن العقل أساس للــجــســم فــي إدراكه تكون للعقل حياة أخرى، لكن في عالم ثان غير خاضع للمادة الملموسة، ويكون فيـه الخلود المطلق للإنسان، لكن الحياة تسمى حياة بحياة الجسم فقط، والعقل تبقى له بعد الموت حركة غيبوبة لا إدراك فيها إلا إن وجد الجسم بما فيه من وظائف بالحواس الخمس.
إن أول مرتبة للعقل هي عدم الإدراك والتمييز، ويتم له الإدراك بمعرفـة الأشــياء الــتــي تحيط بالجسم بالسمع والبصر والحواس كلها.
فكانت الطريقة لتكوين العقل وتطوره فــي عــلــومــه أن يكون ذلك بتربية البصر بالإمعان في الأشياء التي في الطبيعة والبحث عن إدراكها بقوة حتى يتم أخذ القوة منها ،(وهذا ما عرف باللغة البنائية الصمت والتامل) فيتم للعقل الاتصال بالأشياء كما يتطلب ذلك تطوير السمع بــســماع كــل شيء موسيقي في الطبيعة، ويسعى كذلك إلى توسيع وظائف الجسم في إحساسها فيتم للجســم الاتصال بالعقل ، لكن ليس بالحواس فقط، بل بقوة الحواس الكامنة فيها، وكان المــراد مــن ذلك هو أن تضاف للعقل الحواس كلها حيث أن الحواس هي كذلك غيـر مــلــمــوســة كالعقل فبالإمكان أن يضاف للعقل قوة الحواس ويستقل بها بينما يبقى الجسم بإحساسه المجرد من قوة الإحساس فيبقى في حياته دون تغيير ويتسنى للعقل فهم نفسه بالحواس الخمس الـتــي أساسها قوة الإدراك. وهذا دور البناء بعد ان يرتقي الى العمل الحقيقي، ولكن العقل في هذه الحال لا يتمكن إلا بمعرفــة كــل شــيء يــعــــرف بالحواس الخمس ولا يتجرد منها، والإنسان في سعيه هذا كله إنما يسعَى إلى معرفة ما وراء كل قوة في الطبيعة ، أو في الكون كله ، ومعرفة خالقها.
مسار البناء:
يتجه البناء إلى البحث عن خالقه بإدراك أنه لا يمكن أن يعرف نفسه بما لديه من قــوة أو بما يكتسبه من كل تطوير للقوة، فينحصر عقله أمام هذا ابحث لأن ما يسعَى إليـه هو خارج كلياً عن الأسباب أو الإدراك .
إن كل وظائف جسده لها دور فعال في الإدراك والمعرفة، ودور آخر بالنسبة للعقل، والجسد هنا يرمز إلى الاخوة في هيكله والعقل يرمز الى محترمه، فالنوم أساس لإرجاع العقل إلى غيبوبته الأولى التي خلق عليها ليتم الاتصال بالــجــســم فــي حواسه في وقت تكون فيه راحة عند الجسم. والعقل في حالة النوم لا تكون له راحة، ولـكـن الراحة التي يشعر بها الإخ في عقله إنما هي راحة الجسم وحواسه فقط، (والنوم للعقل هنا هو ذهاب المحترم من الشرق الى الغرب ليكون الحارس الامين لاخوانه والسهر على ارتقائهم) سعـَى الإنــسان بطرق التصوف القديمة أو الحديثة إلى إبعاد النوم عن العقل وغيبوبته، وترك الــجــســم فـي حالة فيها راحة، وبذلك يتم للعقل أن يبتعد بقوته وبالإدراك ويتحقق ذلك بوسيلة التـصــوف في مدة لا تقل عن أربعين يوما دون نوم، ويتم بذلك الاتصال بعالم غيبوبة الــعــقــل فــقـط، والمعرفة بهذه الوسيلة هي منحصرة في معرفة قوة العقل الباطــنية. الشــعــور هــو الــقــوة الظاهرة في بوادر العقل، واللاشعور هو القوة الباطنية للعقل، ودون القوتين لا يمكن للعقل شعور بما يعطى له من معرفة، فالعقل يأخذ الأفكار وكل ما يمكنه إدراكه من قوة، ولــيــس بإمكانه الاحتفاظ بها في قوته. فكأن الدماغ هو المحل الذي توضع فيه أشياء العقل ولا يغيبن عنكم ان الدماغ هو غير العقل، عذرا اخواني لعلي شردت في البعيد لكن الاقفال والاحاجي هنا لا بد من البحث لها عن مفاتيح، وهذا ما قصدته بوضع هذه المقطوعة الخارجة عن قوانين البحث المنطقي.