الدلتا مثلث الحكمة
في بدء كانت الكلمة، (الله الروح) وكانت المادة، كلمة الله اسرها في الروح، باتحاد المادة مع الروح ، كان الانسان، وكانت الحياة، عندما عرف الذكر والانثى عرف الكون الخليقة، المادة والروح عنصران يكمل احدهما الاخر. الجمال الروح والقوة المادة، والحياة روح المادة، والانسان قوة الجمال،، القوة محرك الانسان، والجمال وقوده.
فكانت الرموز بنائية هي الوسيلة لتفسير رموز الحياة بشقيها المادي والروحي، يتدرج الطالب في اقتباس معانيها، بعد امتلاك القوة وتحسن الجمال، وتقبل المعرفة.
البنائية، بنت الحكمة، مرتكزاها القوة والجمال، عمودا المثلث (دلتا المنيرة) رمزاً الخليقة بعنصريها: الخالق والمخلوق.
البنائية إلى جانب تقديرها الرمزي للزاوية وسائر الاشارات والادوات الهندسية عندها احترام خاص للمثلث قد اتخذته شعاراً. وزوايا المثلث تعبير عن درجة تطور زمني، ورمز الالوهة، كان الكنعانيون بعدهم فيتاغور وأهل المذهب الباطني يرمزون إلى النار علامة إيل بمثلث ممد الرأس إلى فوق، ويرمزون إلى الطبيعة والمطر والخصب بمثلث مدد الرأس إلى اسفل، وقليلا ما يخلو اثر الكنعاني من رسم مثلث الشكل بشكل من الاشكال.
لأن الأمور في هذه الحياة لم تكن يوماً بهذه البساطة التي تصورها لنا عقولنا، أي مجرد ثنائية، بل هي أكثر تعقيداً وأكثر شمولاً. من هنا كان رمز الثالوث أو المثلث فقد تختلف التسميات الدلتا المنيرة بين لغة واخرى، لاختلاف السنة قاطنيها من السكان، ولكن يجتمع علم الرياضيات على تسميتها بالمثلث، الذي يمكن تمثيله بثلاث نقاط أو بتلك الخطوط المستقيمة الواصلة بين هذه النقاط الثلاث، الذي ينتقل من الـ1، إلى الـ2، إلى الـ3، فالـ 4 ، كي ينغلق المثلث الذي رسم. ما قد يعني أن الأربعة تعيدنا، من خلال الثالوث، إلى الواحد من جديد، مما يفسح المجال امامنا الى الانتقال الى رسم اشكال اخرى كالمربع والمسطتيل وإلى ما هنالك من رسومات اخرى حسب الغاية المنشودة.
ونتفكر معاً في ثلاثية ذلك الواحد المتزاوج مع ثنائية الملموس الذي يعود واحداً في نهاية المطاف، لأن الثلاثة هي مبدأ وجود الكائن من خلال تجربته الحياتية، عبر الثنائيات التي يتجاوزها، وهذا ما يضعنا أمام عالم متشعب جداً ومتفاعل جداً من الاحتمالات. من هنا كانت الأهمية الكبرى لسرانية ذلك الثالوث الذي اعتمدته العديد من الديانات، ومن ضمنها المسيحية؛ ثالوث يجمع بين ما يبدو وكأنه تناقض بين ثنائية ظاهرة ووحدة غير مرئية تعيدها، من خلال التفاعل معها، واحداً من جديد. ونجد أنفسنا، ، أمام رمزاً ما قد يبدو، من خلال جدليته، القانون الأزلي لتطور الحياة.
اخواني …
انطلاقا من هنا، كانت اهمية المثلث في هذا العلم الذي عرفته الصين والهند وبابل ومصر والحضارة اليونانية وباقي الحضارات القديمة، التي جددته وصقلته لخدمة الانسان والانسانية حتى يومنا هذا.
ومازال، في طور التجدد والرسوخ، في قواعد الحياة عامة. كاهميته في علوم الدين، وعمق ابعاده الثلاثة كما نقلته الينا الحكمة الهندوسية القديمة، واسمته براهما وشيفا وفشنو. وبلاد ما بين النهرين اسمته اونو وانليل وانكي.
وكما نجد هذا المثل بوضوح في النجمة السداسية والخماسية. واوضح في علوم اليوغا عند اليوغين. ومن المعالم الاثرية، كهرامات الفراعنة والانكا وكثيراُ من المدن القديمة، والعواصم الحديثة المنشاء.
فكل هذا يدفاعنا الى السعي للعثور على سبيل علمي للخروج من دائرة البحث السطحي والمحاولت الى اكتشاف جوهر هذا المثلث. اذا ان هذا المثلث الثابت في حقيقة الوجود، لا يخرج عن دائرة العنصر المحرك لكل العلوم والمعارف الدنيوية والدينية.
ابتداء من نقاطه الثلاثة التي تحدد شكله الهندسي ومدى ارتباطه في النواحي المادية، الاجتماعية، الزمنية والفلسفية. فمثلاً:
الماء: يتالف من جزئين هيدروجين وجزء اوكسيجن.
الهواء: اكسيجن وهيدروجين ونيتروجين.
المادة : جامد وغاز ووسائل.
الانسان (جسد): نفس و روح وعقل.
العائلة : اب و ام واولاد .
الزمن: ماضي و حاضر ومستقبل
اما في المفهوم الفلسفي؛ فهو مدى استطاعت نقل الثنائية الى الوحدة، بواسطة الثلاثية، ذلك ان الثلاثية الفلسفية تقوم على ثلاثة عناصر.
فرضية، نقيضها جمعهما، ومن المتعارف عليه ان الفرضية تاكيد، والنقيضة نفي والجمع حل. وباستيعاب تياري التاكيد والنفي يعطى الحل المنطقي بحرية الفكر العادل.
فدعونا اخواني!
بعد هذا الشرح ان نسأل عن هذا المثلث الذي هو مذكر ويطلق عليه الدلتا المنيرة، التي هي مؤنث، وموجود في الهيكل في الشرق خلف السدة تماما يتوسط الشمس والقمر، وفي وسطه عين منفتحة نحو اضلعه الثلاثة وتطابق اضلعه على ركائز الهيكل الثلاثة، الحكمة والقوة والجمال.
عندما يترقى البنائي ليصبح من الهيكل في جوهره، يتعرف إلى الحكمة التي تولد القوة والمعرفة، تفجر الجمال والمحبة في نفس الجاهل، فنتقل إلى حالة من التجدد، يصبح انساناً جديداً يتحلى بالمعرفة ويسعى إلى الكمال.
بالحكمة التي تشرف على أحكام العمل الراهن، بالقوة التي تتيح تحقيقه الفعلي، وبالجمال الذي يضفي الحب على كل محقق، أعني أن المعرفة كانت تساعد البناء على تجريد الانسان القديم لتحويله رجلاً جديداً، خالق أشياء، وباني عالم جديد متناغم، راسماً مثلث التكريس الشكلي والعملي والنهائي، واحد في الجوهر يتجلى بالحكمة والقوة والجمال.