سر آدم وحواء
إن للبنائين الأحرار أسرار خاصة ورموزاً وطقوساً تحاط بالسرية التامة لا يسمح بتلقينها إلا لمستحقها وذلك عملاً بقول صاحب الحكمة المثلثة هرمس الهرامسة لا تعطوا الحكمة إلا لإهلها فمن أعطاها لغير أهلها فقد ظلمها، ومن منعها عن مستحقها ظلمه.
قبل الشروع في لوحتنا هذه لا بد من وقفة نستعرض من خلالها هذا الجزء من فلسفة الكون الرمزية، إن الدائرة المرسومة من قبل مبدع ومهندس الكون الأعظم. لا تحد ولا تدرك ضمن خطوطاً وهمية أو حدود جغرافية، أو في أيام أو فصول عبر الأجيال، بل هي أعمق وأسمى، فعند البداية وجد العقل الكلي ومنه وجد كل شيء حي وأقصد به النور الحقيقي الممد بعين البصيرة وهي المعرفة، وكان آدم أبو البشر تلك الإسطورة الرمز المسطرة في جميع الأديان وتناقلتها الألسن عبر الأجيال فآدم هو البداية ومنه تتفرع الأصول وصولاً إلى الفروع إلى يومنا هذا.
فأدم إخواني وجد نفسه في جنة عدن وفيها من الثمار والفاكهة ما لا إذن سمعت ولا عين بصرت.
فما هي جنة عدن هذه؟ أليست الكون بأسره وثمارها وفاكهتها أليست العلم والمعرفة بأسرها؟ فلو كانت حكمت الخالق أن يبقي آدم دون علم ومعرفة فما هي الحكمة في إبداعه؟ أولم يكن هناك حكمة رمزية بأعطاء ادم صفات البدائية. كأن خلقه عارياً وجعله يتجول في جنته كما خلقه مع حواء.
ألم تكن أمام عينيه لفترة قبل أن تأكل من ثمرة المعرفة ودون أن يتعرفا إلى سبب وجودهما؟. ألم يكونا في عالم الجهل؟ ألم يكن وجود الشيطان المتمثل بالمادة السبب المحرك ليأكل من تلك الشجرة؟. وهل أن فعل الشيطان هذا المتمثّل بالأفعى كان بغير علم خالقه ومبدعه؟.
أحبائي لا يجب أن تقرأ هذه الحلقة على أنه الحاد أو مخالف لشرائع الأديان السماوية. بل يجب أن يعزز الإيمان والاعتقاد برمزية الظواهر وحكمت وجودها وان خالقها ارادها رموزاً أشبه بسلسلة مؤلفة من حلقات متصلة ووجه إلينا رسله، وأرسل لنا مفاتيح إقفالها لندرك سر معانيها.
من هنا منذ البدعة الأولى منذ عهد آدم ولدت الفلسفة الرمزية. وأول من ابتدأ بالبناء كان آدم نفسه. هو أول من شرع بالنحت. فنحت الحجر الغشيم فيه وبدأ ببناء هيكل نفسه في تلك الجنة يبحث ويحلل ويرسم. وانطلقت الفلسفة الرمزية وتواصلت. ألم تكن جميع الرسل تأتي برموز مخافة أن تقع علومها بأيدي الجهلة.
ليس على الأرض شيء ولد بالصدفة أو بالعرض أو بالنتيجة بل كل ما ننظره في أعيننا أو نسمعه بأذاننا أو تلفظه ألسنتنا لهو ذات سبب وحلقة في تلك السلسلة ودرجة في سلم المعرفة.
وانطلاقاً من هذه النظرية تم النظر إلى كل ما هو موجود في هذا الكون الرحب ضمن قواعد رمزية وجعل لهذه القواعد مفاتيح ضمن قواعد أساسية توصل إلى سر الأسرار. فمن القاعدة الثنائية كان الانطلاق (الليل والنهار – الخير والشر – السالب والموجب). إلخ…
كان الحرف والرقم؛ فالحرف هو الجزء الأساس في التحليل الرمزي. ومنه كانت ولادة الرقم وعلى أساسهما كان الطريق الأول للترميز وحل الرموز. فمنذ أن عرف الحرف الأول ابتدأ من أوتو العلم بالتحليل والتركيب فوجدوا أن هناك أسراراً ترتبط بالرقم وإن هذه الأسرار لها مهندساً واضعاً لها وبدأ البحث والتمحيص منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ولكن، هل من العقل أن يحد عقل المصنوع قدرة الصانع؟.
أن كلمة آدم في التحليل الرمزي واسعة جداً فهي تعني من حيث المبدأ البداية للجنس البشري في التكوين الإلهي وذلك حسب سفر التكوين وكذلك هي بداية.
في القواعد الفلسفية الرمزية للوصول إلى المعرفة والوصول إلى بناء هيكل الذات لإظهار صورة المكون. فكلمة آدم هي ثلاثة حروف من حيث الجسد وهو الشكل (أ. د. م) وتسعة أحرف من حيث الجوهر أي الروح (الف. دال. ميم). وحسب القاعدة الرقمية ( أ= 1 ـ د = 4 ـ م = 40) فيكون المجموع 45 وهذا مجموع الأعداد من رقم 1 إلى رقم 9 أي أرقام الآحاد وهي المرحلة الأولى من البناء الرقمي الكوني. هذا الجزء الأول من القاعدة الثنائية . أما الجزء الثاني فهي حواء. وهي الوجه الآخر لادم. وهي ايضاً ثلاثة أحرف من حيث الجسد (ح. و. ا) لكنها ثمانية أحرف من حيث الروح (حا. واو. الف) فإذا جمعنا الجسد مع الروح يتشكل الكمال وهو إحدى عشر حرفاً. مجموع حروف اسم الله.
أما من حيث القاعدة الرقمية (الحا 8 – الواو6 – الالف 1= 15) وهذا بدوره ثلث الـ 45، والمعروف حسب الكتب المقدسة أن حواء هي ضلع من آدم فإذا ضربنا 15 * 24= 360 وبهذا تكتمل الدائرة، كذلك 45*8 = 360 .
هذا ليس أمراً بالصدفة وايضاً يؤكد أن من اخترع الرقم هو مهندس الكون الاعظم ومن هنا وجب علينا دراسة تلك الخريطة المصنوعة من الأرقام والحروف لنستطيع أن ننفذ ما أراده الخالق عندما آتى السيد سليمان أمره ببناء هيكل الرب، هيكل النفس أو هيكل الذات.
N.SH