تاريخ الماسونيةحضارات قديمة و الماسونية

تاريخ الماسونية (3)

تكلمنا سابقاً عن علاقة الماسونية الوثيقة بالحضارات القديمة وبيّنا كيف لعبت الماسونية والجمعيات السرّية دورا محوريّاً وأساسيّاً في نهضة الأمم ونشوء هذه الحضارات من جميع النواحي العمرانية والفكرية الإنسانية ، وذكرنا أن هذه الجمعيات كانت لا تسمح بمنح علومها إلا لمَن تختبر فيه اللياقة والمقدرة على اكتسابها واستعمالها فوضعوا لانتقاء اللائقين من الراغبين بالإنتساب اليها والسّاعين لمن أراد اللحاق بركبها شروطًا وقوانين بالغوا في المحافظة عليها ،

سنحاول اليوم التكلم عن بعض أشكال طقوس الراغبين في الإنضمام الى هذه الجمعيات التي ذكرناها

جمعية ايزيس السريّة في الحضارة الفرعونيّة

كان يقصدها الطالبون من أنحاء شتى ولم يكن يُقبَل فيها إلا مَن عُلِم عنه  بعد التحرِّي التام والشهادات الحسنة أنه أهلٌ لنوال تلك الأسرار الثمينة وليس ذلك فقط فإنهم كانوا يسومونه عند القَبول مشقات عظيمة تختلف بين تخويف وتهديد حتى إذا جازها بثبات قالوا إنه تغلَّبَ على الشر فيلقِّنونه الأسرار فإذا لم يروا في سيرته ما يمنع إتمام قَبوله يسلمونه إلى قائد يسير به في أتياهٍ من الطرق تغشاها الظلمات إلى أن يصل إلى مجرى من الماء فيقف به وفي يده كأس فيه ماء ويخاطب الطالب قائلًا « أيها الراغب في مؤاخاتنا الساعي وراء السداد الأعلى هذا هو ماء النسيان تجرعه يُنْسِكَ جميع ما مرَّ بك من الأدناس والنقائض فتصير أهلًا لاقتبال الفضيلة والحق والصلاح التي ستتشرف بنوالها الآن» فيشرب ثم يتقدم به إلى أماكن أشد ظلاماً وإرهاباً من ذي قبلُ فيزيد وجلًا ثم ينبثق النور بغتةً وينسم الهواء المنعش بالروائح العطرية ثم يسمع الترنيمات الموسيقية المطربة تضرب نغم الانتصار إشارةً إلى انتصاره على تلك التجارب المهولة ثم يُلقَّن الأسرار المقدسة وتُتلَى عليه العلوم والمعارف ويُحسَب من ذلك الحين في عداد سعاة الكمال ثم يرقى في سلك تلك الجمعية بموجب دستورها ،

مجمع الكبراء في فينيقية وسورية

لايقُبل فيه إلا من شهد عليه العديد من أفراد المجمع بالصلاح والاستقامة وعندها يقرّون على قبوله

فالذي يقرُّون على إدخاله بينهم كانوا يمتحنونه امتحانات شبيهة بالامتحانات المتقدم ذكرها وكان على الطالب أيضًا عند الإقرار على قبوله أن يغتسل أولًا بالماء والدم ثم يقدِّم ثورًا أو كبشًا ضحية ثم يتقدم إلى الامتحانات المرعبة وبعد ذلك يُلقَّن التعاليم السرية ثم يُعطَى اسمًا جديدًا منقوشًا مع علامة أخرى رمزية على حجر أبيض صغير فيحفظه الطالب كطلسم مقدَّس وينقله معه إلى حيث توجَّهَ إشارةً إلى كونه عضوًا في ذلك المجمع  فيعرفه سائر الأعضاء في سائر الأنحاء ويعاملونه معاملة الأخ

مجمع الإلوسينا في شرق أوروبا واليونان

 ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳُﻘﺒَﻞ ﰲ ﺳﻠﻚ ﻫﺬا المجمع إﻻ المنتخبون  واﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺠﻤَﻊ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ لائقون  فإذا أقرّوا على قبول طالب أغمضوا ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺟﻴﺪًا ﺛﻢ قادوه ﰲ ﻃﺮق ﻣﻌﻮﺟﺔ  وﻋﺮة ﺗﺨﺪش أﺧﻤﺼﻴﻪ ﻓﻴﺨﺎل ﻟﻪ أﻧﻪ ﺻﺎﻋﺪ ﻋﲆ آﻛﺎم وﻛﺄن ﺗﺤﺖ أرﺟﻠﻪ مرتفع وعر  ﺛﻢ  يتغير و ﻳﱰاءى ﻟﻪ أﻧﻪ ﻣﻨﺤﺪر ﰲ ﻣﻨﺤﺪرات ﻣﻦ اﻷرض ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺄودﻳﺔ و أﺣﺮاش ثم يسمع أصوات ﻣﺮﻋﺒﺔ ﻳﺨﺎل ﻟﻪ أﻧﻬﺎ زئير  أﺳﻮد وﻓﺤﻴﺢ أﻓﺎعي ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﲆ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻄﻮاف اﻷول ثم يدخل غرفة  ﻣُﻈﻠِﻤﺔ ﻳﴤء ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺒﺲ ﺿﻌﻴﻒ اﻟﻨﻮر أﻣﺎﻣﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﺪه إﻻ اﺿﻄﺮابا وﻳﺮى ﺣﻮﻟﻪ أﴎاباً ﻣﻦ اﻟﻮﺣﻮش اﻟﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻦ أﺳﻮد وﻧﻤﻮر وﺿﺒﺎع وﺛﻌﺎبين وﻳﺴﻤﻊ أﺻﻮات اﻟﺮﻋﻮد اﻟﻘﺎﺻﻔﺔ وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺗﻠﻚ المشاهد المرعبة ﻻ ﻳﺒﺪي ﺣﺮاكاً  ﻳﺮى أﻣﺎﻣﻪ باباً ﻣﻦاﻟﺤﺪﻳﺪ ﻣﻜﺘﻮباً ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﺎه ( إن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻐﻮن ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﻜﻤﺎل وأﻋﺎﱄاﻟﱪﻛﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻄﻬير أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎر واﻟﻬﻮاء والماء ) وﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﻳﻘﺮأ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﺑﻐﺘﺔ ﻓﻴﺪﺧﻞ ذﻟﻚ اﻟﻄﺎﻟﺐ إﱃ ﻣﺘﺴﻊ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎء ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻴﻪ إﻻ ﺗﺄوﻫﺎت وزﻓﺮات ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫﻨﺎك ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺒﴩ ﻳﺘﻮﺟﻌﻮن ﻟﻌﺬاﺑﺎت أﻟﻴﻤﺔ ﻳﻘﺎﺳﻮﻧﻬﺎ وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ اﺿﻄﺮاب ﻻ ﻳﺪري إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺮاه ﺣﻘﻴﻘﺔ أم ﺣﻠماً ﻳﻘﺎد اﻟﻄﺎﻟﺐ إﱃ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت إﱃ رﺟﻞ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﲆ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﻟﺒﺎس أﺑﻴﺾ وحوله عشرات الرجال يرتلون التراتيل المقدسة حيث يتم منحه الأسرار المقدسّة  .

القلم الحديدي 1/9/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى