مقالات متنوعة

الشجرة في المعتقدات القديمة تجسيداً للحياة 

منذ قديم الأزل كانت الشجرة بأنواعها وأشكالها المختلفة ( الأرز ، السرو ، النخل ، الصنوبر ، التين )   هي تجسيد للحياة و الإيمان بالله واتصال الأرض والسماء هي رمز كوني جامع يمثّل وحدة الحياة والوجود تشاركه معظم شعوب العالم بطريقة تجعلنا ندرك ما يبدو للوهلة الأولى كأنه أشياء غير مترابطة   ( البشرية، الطبيعة، المقدّس)

فهي وحدة مترابطة يجمعها رمز واحد سواء رأينا أنفسنا أوراق على هذه الشجرة أم اعتبرنا أننا في مكان أقرب للجذور نحن جميعاً أينما كنّا مهما كان لوننا وجنسنا ومعتقداتنا وسواء كنا نمشي على رجلين أم على أربعة أم نطير أم نسبح كل المخلوقات وكل نبتة وكل جبل وكلّ نهر هي أجزاء من شجرة الحياة ولها مكانها فيها .

بجذورهم الضاربة عميقاً في الأرض وأغصانهم المترامية للسماء نظر الإنسان للأشجار دائماً على أنها الرابط بين الأرض والسماء فالشجرة هي من دون منازع أحد أقدم وأكثر الرموز حضوراً في الوعي البشري عبر تاريخ أساطير العديد من الأديان و الثقافات والحضارات تصوّرها الإنسان على أنها رمز للخلق ، القوّة ، الحكمة ، الخصوبة ، وحدة الوجود

– قد تكون الأشجار الأشهر في العالم هي تلك المذكورة في قصص الخلق الإبراهيميّة فالقصّة تقول بأن الله زرع في جنّة عدن العديد من الأشجار الجميلة والقويّة ومنها شجرتا معرفة الخير والشرّ و شجرة الحياة  التي كانت ترمز للخلود لكن مفهوم شجرة الحياة لم يبدأ مع الأديان الإبراهيمية ولا يقتصر عليها بل هو موجود في كلّ المعتقدات القديمة من مصر وكنعان وبابل وأشور مروراً بأفريقيا وآسيا وحتى الأمريكيتين أيضا

الاشجار في لبنان وفلسطين

الأشجار كانت أيضاً مبجّلة في لبنان وفلسطين كان يُنظر للإلهة الأم أشيرة أو عشيرا على أنها شريكة خلق العالم مع إيل ووالدة جميع المخلوقات من ألقابها أمّ كلّ شيء و شجرة الحياة  وأمّ الحكمة ، أشجار الأرز كانت تُعتبر على أنها صاحبة قوى مقدّسة تساعد على الشفاء والتنبؤ بالمستقبل وكل الأشجار بشكل عام كانت تُعتبر على أنها مقدّسة للإلهة الأم أو للآلهة الإناث الآخرين مثل عشتروت

الاشجار في الكابلا

في تقاليد الكابالا العبريّة القديمة والتي لا تزال تُمارس حتى اليوم شجرة الحياة هي مفهوم أساسي يساعد صاحبه على الوصول لله شجرة الحياة في الكابالا هي خريطة لكلّ العوالم الكونيّة والصلات بينها هي مكوّنة من العناصر العشرة الأساسية التي يشكّل عين الحكمة أوّلها وهي اللاشيء الذي انبثق منه كل شيء آخر

الاشجار عند مصرايين القدامى

عند الفراعنة ولدت إيزيس آلهة القمر والأمومة  وأوزيريس إله البعث من شجرة طلح والتي تعتبر شجرة كل شيء حي

الاشجار لجى اشوريون

كان الآشوريون يعتبرون شجرة الحياة رمز ديني مهم ورسموها كمجموعة من العقد المتصلين بخطوط متداخلة وكان يخدمها آلهة برؤوس نسور وكهنة وحتى ملوك و لم يصل باحثو علم الآشوريات إلى تفسير موحد لمعناها

الاشجار في الديانة اليهودية

في اليهودية لشجرة الحياة العديد من المفاهيم والإستعمالات ففي سفر الأمثال ترمز إلى التوراة نفسها كما ترمز إلى الحكمة والرؤية أما في سفر الخروج فهي الشجرة التي طرد بسسببها أدم وحواء من الجنة حتى لا يتناولا ثمارها التي تمنح الحياة الأبدية كما ذكر في سفر أخنوخ أنه في يوم القيامة سيقدم الله ثمرة من شجرة الحياة لكل من ذكر اسمه في كتاب الحياة وفي عالم الغنوصية اليهودية تصور شجرة الحياة بعشرة عقد مترابطة والتي تعتبر رمزا محوريا للكابالا و تحتوى على تعداد القوة في العالم الإلهي

الاشجار في الديانة المسيحية

ذكرت شجرة الحياة في المسيحية في سفر الرؤيا حين وصفت بشجرة تحمل 12 محصولا من الفاكهة التي تنبت كل شهر وثمارها لديها ملكة شفاء الشعوب في الكاثوليكية ترمز شجرة الحياة إلى طهارة البشرية من الخطيئة الأولى قبل السقوط كما أعلن بندكت السادس عشر أن الصليب هو شجرة الحياة كما شرح القديس بونافينتور أن ثمار شجرة الحياة الشافية هو المسيح و أن جسد ودم المسيح هما ثمار الشجرة أما في الكنيسة الشرقية فشجرة الحياة هي محبة الله

الاشجار في الديانة الاسلامية

في الدين الإسلامي نجد بالإضافة الى نفس الرموز و المفاهيم السابقة تقريبا هناك رمز مماثل هو شجرة الزقوم التي تنمو في وسط الجحيم و تعطي ثمار  يجبر الناس الخاطئين الجياع على أكلها فشجرة الحياة في هذه الحالة ربما هي رمز الحساب لرفض الإله ولارتكاب الأفعال الخاطئة كعقوبة للمذنبين حيث تدمر ثمارها جسم الإنسان كنوع من العقاب على عصيان الدين والابتعاد عن الله

وللشجرة قديما رموز اخرى حيث أن كثيرا ما ترمز الى النصر والفرح والسلام والخصب وكذلك الى جمال المرأة وذلك بسبب علُوّها وكثرة ثمارها واستعمالاتها الكثيرة  .

القلم الحديدي 5 / 10 / 2020

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى