مقالات متنوعة

السيرابيوم  (Serapeum)

السيرابيوم

هو اسم يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة إله الوحدانية سيرابيس وهي عبادة مقدسة في العصر الهيلينستي تجمع بين إلهين

فرعوني وإغريقي حيث تجمع جوانب من آلهة  الفراعنة القدماء أوزوريس والإله المتجسد على شكل عجل في العقيدة القديمة أبيس لكن بشكله الإنساني الذي اخترعه الإغريق البطالمة في الإسكندرية ليكون اسمه اوزيرابيس او سيرابيس ، فعلى هذا وضمن هذا الإطار نجد السيرابيوم في سقارة والاسكندرية وإيطاليا وتركيا .

وأشهرها هو معبد السيرابيوم في سقارة الذي لم يتعرض للتدمير بعكس سيرابيوم الاسكندرية حيث أنشئ منذ 5000 عام وهو عبارة عن مجموعة انفاق وسراديب ومغارات محفورة تحت أعماق صخور هضبة سقارة بطول إجمالي يبلغ 400 متر تبدأ بممر رئيسي على استقامة واحدة بطول 136 متر وعلى جانبيه 24 غرفة دفن مقببة منحوتة في الصخر لا تواجه هذه الغرف بعضها بعضا بل حفرت بالتبادل حتى لا تحدث ضغطا على التربة الطينية التي حفرت عليها.

سراديب السرابيوم…

في ذاتها لغز ففي الصيف تجدها باردة وفي الشتاء حارة يتصبب العرق فيها فالأنفاق  محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال والنفق ينزل له بسلم مدرج و ليس لها إلا باب واحد يُعتبر هو المدخل والمخرج فالرؤيا بداخل الأنفاق حتى مع وجود الشمس معتمة للغاية فهل تم حفر كل تلك المسافة بذلك العُمق في الظلام وهل تم إخراج الردم بالأطنان على أضواء المشاعل النارية؟

من الغريب أنه لا يُوجد أي آثر لمواضع المشاعل على جدران النفق كما أن أي مشاعل نارية في ذلك العمق مع الردم والأتربة سيكون عملا شاقا وخانقا يوجد بهذه السراديب 26 تابوتا ضخما من الجرانيت مُتقن الصنع يزن غطاء التابوت 30 طنا وجسم التابوت نفسه 70 طنا وهذا يعني أنها تحتاج إلى ما يقرب من 500 رجل لتحريك كل منها والغريب في الأمر أن الأنفاق لا تسع إلى هذا العدد من العمال لتحريك هذة التوابيت للداخل.

وهذه التوابيت الضخمة كُلها مصنوعة من صخور عالية الصلابه ( الجرانيت الأحمر – الجرانيت الأسود – البازلت – الشست – الكوارتز ) وهي صخور لا يمكن التعامل معها الا عن طريق قواطع الماس والتكنولوجيا الحديثة ولا يعقل ان يقوم احد بنحتها بالأدوات البدائية التي كانت تُستخدم في ذلك العصر وهي  (الحجارة – النحاس – البرونز – ثم الحديد) كلها لا يمكنها التعامل معها مطلقا بهذه الأدوات فضلا عن صقلها وتنعيمها وتحتها بالرسومات بهذا الشكل.

صناعة التوابيت…

السؤال لماذا صنعت هذه التوابيت ولمن ولماذا كانت التوابيت كلها خاليه ومغلقه عند إكتشافها؟

التوابيت نفسها تعد اعجاز علمي وهندسي حتى في وقتنا الحالي فإن هذه التوابيت لم يتم بناؤها ولكنها نُحتت فجسد التابوت نفسه نُحت عن طريق اقتطاع كتلة مصمتة من الجرانيت بأنواعه المُختلفة من المحاجر الموجودة في جنوب البلاد مثل الأقصر وأسوان والسودان وسيناء والبحر الأحمر وبعد اقتطاع تلك الكتلة المُقدرة ب 80 طنا تقريبا من المحجر يتم حفرها وصقلها وبعد ذلك يتم نحت الغطاء ويترواح ارتفاع التابوت بين 3 و4 أمتار ويصل عرضها إلى 2.5 متر وطولها 3 أمتار

لا شك أن المعاول وآلات الطرق البدائية لا يُمكنها أن تُخرج مثل هذا المُنتج الهندسي الفريد فجميع زوايا الصندوق الداخلية والخارجية عبارة عن 90 درجة كاملة ليست 90.1 ولا 89.9 أيضا مُعامل التسطيح بنسبة خطأ أقل من 0.02% وهي درجة لا يُمكن بلوغها في العصر الحديث إلا باستخدام آلات عالية الدقة أو تقنية بصرية ضوئية كالليزر وذلك للحصول على التسطيح التام .

الصراع الديني…

في عام 392 من الميلاد و في لحظة كانت تمثل ثمرة الصراع الديني الطويل بين الوثنيين و المسيحيين في الإسكندرية تحصن بعض الوثنيين في سيرابيوم الاسكندرية اعتراضا على إهانة و تدنيس الآثار الوثنية وربما قاموا بأسر بعض المسيحيين معهم بداخل المعبد فقام “ثيوفيلس” – بابا الإسكندرية آنذاك – بقيادة التحرك لمهاجمة السيرابيوم مع قوات عسكرية بعد مناوشات بين الوثنيين داخل المعبد و مسيحيين خارجه و اختلفت الروايات عن هدم السيرابيوم لحظتها و عن تحطيم تمثال سيرابيس و لكن تحكي إحدى تلك الروايات عن تردد المهاجمين عن تحطيم سيرابيس خوفا من حلول اللعنات من السماء حتى جاء جندي مسن يحمل فأسا مزدوجا فضربه ضربه لم تتبعها أي لعنات من السماء فقام الحشد بفصل رأس التمثال ثم فصل كل أجزائه بالفؤوس قبل أن يحرقوه ثم تم هدم المعبد بأكمله وطمس معالمه. وهكذا بقي معبد سرابيوم سقارة وأنفاقه وممراته إضافة إلى توابيته لغزا كبيرا يحير علماء التاريخ  والمتخصصين في الحضارة القديمة .

القلم الحديدي

3 /12 / 2020

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى