اسرارية فرسان الهيكل
فرسان المعبد، معبد سليمان الحكيم، معبد المتعبد المتوحد في هيكل ذاته، ليصل لحكمة الخلق والمبدع، والقدرة الكامنة والفاعلة في تطوير الوعي الذي لا يحده لا مكان ولا زمان لبلوغ الحكمة والمحبة على جسر القائم بين الاقطاب لكي يرشدنا إلى مسكننا الحقيقي.
ذلك الجسر هو الصليب المتساوي الاضلاع، الذي يصل بين الاقطاب ويحدثنا كيف صلبت الروح الانسانية على صليب المادة المصنوع من محوري الزمان والمكان، الذي اتخذوه فرسان الهيكل شعاراً ورمزاً لهم، حامل في طياته الاسرار الباطنية للبنائية الحرة، يحتوي على عناصر الحياة كما كان يفهمها الأقدمون أي الـ
بيد ان الخط العمودي يمثل الذكورة الخلاقة بينما الخط الافقي يرمز لانوثة، ملتقياً راسمين ثنائية الكيان الانساني المميز بصورة الجمال والكمال على الارض، في حكمة مربع الجسد في دائرة الروح باشعاعات صليب النوراني.
حيث نرى الصليب مقسم إلى اربع زوايا إشارة للارقام (1 – 2 – 3 – 4) وهي الارقام الواجب على المبتدئ تعلم اسرارها، وان يتفحصها ليخرج باستنتاجات منطقية هي (الوحدة ـ الواحد ـ المثنى ـ الثلاثي ـ الرباعي). ان اصل الاعداد كلها من الواحد إلى اربعة وتسمى الاوتاد، وإن ذلك من هذا التركيب ومنه ينشأ وذلك يعود الى التركيب الطبيعي للكون كونه مكون من أربع طبائع (نار- تراب- هواء- ماء) وأربع جهات أساسية: (شرق – جنوب- غرب- شمال)، وعند جمع تلك الارقام يكون المجموع 10 بذلك يكون اول ارتقاء لولبي على طريق نهاية البداية.
الواحد: لأننا سرعان ما ندرك أنه أكثر الأعداد غموضاً وأصعبها تمثيلاً من الناحية الرمزية، حيث ليس بوسع أي شيء ملموس تمثيل ماهية الواحد. فالواحد هو الخالق الأزلي الذي لم يخلق ولا يمكن تلمسه تلمساً مباشراً، لأن ما نلمسه خارجنا هو المفارقة أو التنوع أو العدد الذي يبدو وكأنه تجاوز الواحد. ولأن لا شيء بسيط في هذه الحياة، بل الأشياء كلها معقدة، فإنه ليس في الإمكان تلمس الوحدة فيما يحيط بنا من عوالم خارجية ملموسة. لكننا سرعان ما نتلمسها كشعور في داخلنا، إن لم نقل كإحساس. لهذا، يرمز العارفون إلى الواحد الذي هو البداية بالنقطة التي في المركز.
الاثنان: الذي هو رمز الثنائية الأولى، ويصوَّر بيانياً بخط مستقيم:
1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 2
والخط المستقيم هو النقطة في حالة الحركة، أي أنه بداية المفارقة، فهو ذلك اللامنظور الذي أصبح “منظوراً”، فتمايَز عما حوله وخلق ثنائية الأشياء، كما بدأت تتلمسها عقولنا التي طورتها لتصبح ما يبدو وكأنه ثنائية كل شيء يتحقق: ثنائية الإنسان المجرد، الإنسان–الفكرة، الذي تحقق فأصبح امرأة ورجلاً. وكان اليوم الأول من الخليقة هو الاثنان رمزاً أو الـ1 + 1 بحسب لغة أعدادنا؛ فقبله كانت الخليقة مجرد نقطة، إن لم نقل إنها كانت عدماً محضاً. وهذا الواقع الرمزي قد يفسر، ربما، ذلك التساؤل حول لماذا بدأت التوراة، والقرآن (من بعدها)، بحرف الباء الذي هو ثاني حروف الأبجديتين العبرية والعربية. فحرف الباء، الذي هو ثاني حروف هاتين الأبجديتين، هو، في حساب الجمل، بداية وعينا لتمايز الأشياء بعضها عن بعض.
الثلاثة: لأن الأمور في هذه الحياة لم تكن يوماً بهذه البساطة التي تصورها لنا عقولنا، أي مجرد ثنائية، بل هي أكثر تعقيداً وأكثر شمولاً. من هنا كان رمز الثالوث أو المثلث الذي يمكن تمثيله بثلاث نقاط أو بتلك الخطوط المستقيمة الواصلة بين هذه النقاط الثلاث، وفق التدرج التالي الذي ينتقل من الـ1، إلى الـ2، إلى الـ3، فالـ 4 أو الـ1، كي ينغلق المثلث الذي رسم. ما قد يعني أن الأربعة تعيدنا، من خلال الثالوث، إلى الواحد من جديد.
ونتفكر معاً في ثلاثية ذلك الواحد المتزاوج مع ثنائية الملموس الذي يعود واحداً في نهاية المطاف. لأن الثلاثة هي مبدأ وجود الكائن من خلال تجربته الحياتية، عبر الثنائيات التي يتجاوزها، وهذا ما يضعنا أمام عالم متشعب جداً ومتفاعل جداً من الاحتمالات. من هنا كانت الأهمية الكبرى لسرانية ذلك الثالوث الذي اعتمدته العديد من الديانات، ومن ضمنها المسيحية؛ ثالوث يجمع بين ما يبدو وكأنه تناقض بين ثنائية ظاهرة ووحدة غير مرئية تعيدها، من خلال التفاعل معها، واحداً من جديد. ونجد أنفسنا، رمزاً، أمام ما قد يبدو، من خلال جدليته، القانون الأزلي لتطور الحياة.
- الاربعة: الذي بوسعنا من خلاله أن نتعلم كيفية تجاوُز التجاذبات الأساسية لثنائياتنا، كتلك التي تُعارض التراب، حيث تتجسد ثقالة المادة، بالهواء الذي يبدو وكأنه نقيضه، أو الماء، الذي يبدو ساعياً نحو الأسفل، بالنار المحرضة الحارقة والدافعة نحو الأعلى. وهذا ما يجعل من الاربعة عدد تحقق الإرادة أو الكمال. أما هندسياً فيمثل الاربعة كما يلي:
ونلاحظ، هنا أيضاً، كيف يرسم ذلك المربع نفسه، مبتدئاً بالواحد، فالاثنين، فالثلاثة، فالأربعة، مستكملاً رسمه، متحققًا في النهاية من خلال الخمسة، التي تعود واحداً من جديد. وأيضاً…
إذا أردنا تجاوُز الشكل المثلث الثنائي الأبعاد فإن العدد 4 يمثل تجسم ذلك المسطح من خلال بعد ثالث هو العالم المادي الملموس الذي فيه نعيش ومن خلاله نتحرك.
لذا كانت الارربعة رمز المادة في نظر للأقدمين؛ ولكن، في الوقت نفسه، كانت الاربعة ترمز دائماً إلى جوهر المادة الذي هو ألوهية الإنسان المعبر عنها بأربعة حروف، كما في اليهودية، وكما في الإسلام:
والاربعة تعيدنا إلى صليب لا يمكن له أن يتحقق إلا من خلال النقطة التي تتوسطه، ويوصلنا، حين ينغلق على نفسه.
اذا عدنا للزوايا الاربعة في الصليب نجد كل زاوية مقداها 90 درجة تمثل الاطوار الاربعة للحياة البشرية لبلوغ دائرة الخلاص في الطور الخامس، ومجموع تلك الزواية 360 درجة وذلك ليس بصدفة او من فراغ.
فالرموز تلعب دوراً مهما في إظهار الحقائق الموجودة فينا، فتظهر لنا الصورة الوفية للذي تحويه روحنا، فعندما تمون الروح فارغة لا يعود للرمز اي معنى، والخطأ ليس الرمز بقدر ما هو خطأ الفرد الذي لا يعرف ان ينظر أو يرى الاشياء بوضوح، اذ لا يمكن الاستفادة من عقل محدود ودون رؤيا.