Written by
الأخ … صیغة الجمع: الأخوة، حرفیاً يقال عنها “الأرواح المشرقة أو المستنیرة”، إن وصف روح إنسان بأنھا “آخ” یعني أنھا حازت الإشراق وصارت روحاً فعالة لھا تأثیر یمتد من عالم إلى عالم آخر.
فالروح المشرقة یمكنھا أن تتواجد في عالم الدوات (أعماق الوجود) أو العالم السماوي ومع ذلك یمتد تأثیرھا إلى عالم الأحیاء على الأرض. ومن ھنا أتت فكرة تبجیل الأولیاء و القدیسین وھم الأشخاص الذین تحولت أرواحھم إلى أرواح مشرقة تمتلك قدرة التأثیر على عالم الأحیاء حتى بعد إنتقالھا للعالم الآخر (وأكبر دليل ملموس هو إنتقال جينات الأجداد إلينا) ولكن تحول الروح إلى “آخ” و حیازتھا للإشراق لا یعنى انفصالھا عن عالم الأحیاء وإنما العكس.
فالروح المشرقة تبقى دائماً على إتصال بعالم الأحیاء على الأرض و تقوم بدور فعال في حیاة الناس. ورغم انتقالھا إلى عالم أسمى إلا أنھا تظل حریصة على العودة إلى الأرض وخاصة إلى مقبرتھا من حین لآخر.
ولذلك حرص المصریون القدماء على زیارة المقابر وعلى إقامة الشعائر الجنائزیة وتقدیم القرابین لتعزیز الإتصال ب (الأرواح المشرقة). یقول عالم المصریات “جان أسمان” في كتاب”الموت و الخلاص في مصر القدیمة”: إعتقد المصرى القدیم أن روح الإنسان لا تفنى بعد موته وإنما تنتقل إلى عالم آخر أو بعد آخر من أبعاد الكون. ومن موقعھا في ذلك العالم الماورائي یمكنھا أن تعتني بأقاربھا من الأحیاء على الأرض. في مصر القدیمة كان من الممكن الإتصال بروح المتوفى لأنه لم یتلاشى و لم یفنى وفي الواقع نحن نتصل بأرواح السابقين من خلال الأحلام قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لّا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى.
اتحاد الكا والبا وتكوين الأخ هو تحول الإنسان من المياه إلى روح حية ولهذا أصبح هناك تدابير مهمة جدا لا بد من القيام بها لكي تستطيع الكا البقاء في بيئة آمنة لحين الإتحاد بالبا. ولو تم التهاون في أحد هذه التدابير، فإن روح الإنسان الآخ لن تكتمل و ستظل أجزاؤها هائمة ومبعثرة:
١- تحنيط الجسد الذي بدونه لا تستطيع الكا العيش.
٢- وضع الأطعمة و الأشربة في المقابر، لكي تستطيع الكا امتصاص الطاقة الحيوية منها خلال فترة الإنتظار.
٣- تحصين المقابر و بناؤها في أماكن جافة بعيدة عن الرطوبة
٤- الإكثار من تماثيل الكا التي تسكن فيها – وذلك لتأمين مكان لتواجدها لو حدث أن سُرق أحد التماثيل، وقد أعتقد المصريون أنه من الممكن أن يحدث أي خلل في عملية اتحاد البا والكا لتكوين الآخ – فمثلا أخطاء خلال عملية التحنيط، أو أن المتوفي لا يريد الذهاب إلى العالم الآخر لأن هناك ثأر يريد أن يأخذه من أحد البشر، وإذا حذث هذا، فإن روح المتوفي تظل هائمة و قد تتسبب في أذى لبعض الناس.
“شمسو حور” (أتباع حورس) . یطلق ھذا الإسم أیضاً على جیل من أجدادنا، كان یعیش في فجر الزمان وقد ارتبطوا بالعلم والمعرفة. جاء ذكر ال “شمسو حور” في بردیة تورین. دونت ھذه البردیة في عصر الملك رمسیس الثاني (حوالي ١٢٠٠ سنة قبل المیلاد) وترجع تاریخ مصر إلى بدء الخلیقة.
بدأت الحیاة على أرض مصر بعصر ذھبي كانت الأرض فیه قریبة من السماء. (ذكرت ذلك في بوستات سابقة بالتفصيل) في ذلك العصر كانت الـ “نترو” (القوى الإلھیة) ھي التى تحكم الأرض، أى أن عالمنا الأرضي كان قریباً من العالم السماوي، وإستمر حكم ال “نترو” لمدة ٢٣ ألف سنة .
وبعد إنتھاء عصر الـ “نترو” بدأ عصر ال “شمسو حور” (أتباع حورس) و ھو أیضاً عصر ذھبي كانت الأرض فیه أشبه بالفردوس وإستمر حكم ال “شمسو حور” لمدة ١٣ ألف سنة. یقول الكاتب الفرنسى Lubicz de Schwaller إن ترجمة كلمة “شمسو حور” بمعنى “الذین عرفوا أسرار حورس” أو “العارفین بأسرار حورس” (أي العارفین بأسرار تجدد طاقة الكون).
حورس صورة رع عندما یكمل رحلته في الدوات (أعماق السماء) و یولد من جدید في الأفق الشرقي.ورحلة رع في الدوات ھي الرحلة الباطنیة التي یكمن فیھا سر تجدد طاقة الكون تطلق كلمة “شمسو حور” أيضاً على النجوم التي تتبع حورس في طوافه الكوني حین ینزل لأعماق الدوات (أعماق السماء) ثم یعود و یولد من جدید في الأفق الشرقي وبذلك یجدد طاقته و طاقة الكون.
ومن ھذا المصطلح الكوني استوحى المصریون القدماء إسم ال “شمسو حور” وھم جیل من البشر كان یعیش على أرض مصر في فجر الزمان. كان ھذا الجیل یمتلك معارف كونیة تتعلق بمنظومة النور الشموس و النجوم التي یكمن فیھا سر تجدد طاقة الكون.
حرص المصریون القدماء على ربط تاریخ مصر في عصر الأسرات بذلك العصر الذھبي والتأكید على أن المعارف الكونیة التي امتلكھا المصریون في عصر الأسرات ھي امتداد للمعارف الكونیة التي اطلع علیھا الإنسان الأول أو الأجیال الأولى من البشر فھم المثل الأعلى في العلم.
من الرائع أن نجد آيات المصحف تتفق مع ما سبق عن الخلق الأول، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍأَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ ــ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَاهَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراخَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ ــ عَلَقٍ) وكلمة عَلَقٍ تعني في لغة أجدادنا العقل والفهم والإدراك ونفس المعنى من خلال تقطيع الكلمة وعي والمام وقوة أو وقاية وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. ومن نصوص بردیة “شیستر بیتى ٤” محفوظة حالیاً بالمتحف البریطاني. یقول المعلم ناصحاً تلمیذه الذي یتعلم الكتابة: إستمع إلى نصیحتي وكن ماھراً في الكتابة، سر على خطى أولئك الكتبة العارفین الذین عاشوا في الزمن القدیم ؛ زمن الـ “شمسو حور”.
لقد امتلكوا القدرة على رؤیة المستقبل و خلدوا أسماءھم بعد أن ذھبت أجسادھم و انتھت حیاتھم على الأرض. كانت المعابد في مصر القدیمة تستمد قدسیتھا من قدمھا ومن إرتباطھا بالأجداد فھم ھمزة الوصل أو الجسر الذي یربط عالمنا المادي بالعالم الإلھي (العالم السببى).
لا یوجد معبد فى عصر الأسرات ٌشیّد على أرض جدیدة. كل معابد عصر الأسرات شیدت في مواضع كانت معروفة في عصر ال “شمسو حور” الذین أدركوا بذكاء القلب أن الـ “نترو” (القدرات الإلھیة) تتجلى في تلك المواضع بشكل أوضح من أي مكان آخر. (ولذلك يأتي وفود من الجماعات الروحانية من كل أنحاء العالم لزيارة معابد مصر والقيام بطقوس توارثوها عن
أجدادنا ، وللإستشفاء الأثيري).
ظل الأمر ھكذا طوال عصور الحضارة المصریة القدیمة، و الإستثناء الوحید من ھذه القاعدة ھو معابد مدینة “آخت آتون” (تل العمارنة). عند قیام إخناتون بتشیید مدینته المقدسة ، حرص على اختیار مكان جدید لیس له علاقة بالأجداد مخالفاً بذلك التقالید المصریة، فقطع الصلة بأجداده لذلك كان إخناتون مهرطقاً وحورب بشدة من كهنة أمون.
لفت إنتباهي هذه الأية فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ اذا قطعت تواصلك باجدادك ستكون من الخاسرين من ليس له ماضي مشرق فليس له حاضر جينات وملامح أجدادنا داخلنا مازلنا نحيا بعلومهم وأفكارهم ولا ينكر فضلهم الآ جاهل أو أحمق أو حقود السابقون هم الأولون.
