الشاكرات الإثني عشر
فكرنا جيدا قبل البدء بكتابة ردنا هذا عن الشاكرات الثلاثة عشر، اولا لأن الموضوع ليس تقليديا على الإطلاق، فالمعروف لدى كل المدارس السرانية، وكل الأديان الشرقية البراهمانية والبوذية والشيع الأخرى في الشرق الأقصى، التي تقر وتعترف بأن عدد الشاكرات الموجودة في الجسم البشري هي سبعة، لكن العبرة هي في ماهيتها ووضعيتها وهرميتها وأهدافها؛ ان عبارة شاكرا هي سانسكريتية، وتعني “دولاب ومركز طاقة”، وهي تعني طبعا الحركة اللولبية الدائرية التصاعدية لنقاط الطاقة التي يتحرك الجسد على اساسهم.
ان تحديد مواقع نقاط القوة تلك، يتطلب نظرة اكثر عمقا وشمولية من تلك التي تتداولها اكثرية الآراء، ويبحث فيها اكثرية باحثي اليوم. ان الأكثرية الساحقة من الباحثين اليوم يعالجون موضوع الشاكرات السبع انطلاقا من موقعهم في داخل الجسم البشري، لكن طبعا بنظرة سريعة نستطيع ان نستنتج ونرى ان تلك النقاط غير موجودة على الإطلاق في جسمنا الحسي إن من الخارج او حتى من داخله، طبعا لسبب بسيط ان تلك النقاط هي مركز طاقات وليس مركز عضلات او انسجة او اي شيىء من هذا القبيل، طبعا تجلياتهم ظاهرة في اجسادنا البيولوجية على شكل اعضاء اساسية مثل الكبد او القلب او النخاع الشوكي…، لكن موضعهم الدقيق ليس ظاهرا للعين المحردة بل للبصيرة التي تريد ان تعرف؛ ومنطق الطاقة هي من الأمور التي لا يجب ان تعالج انطلاقا من الجسم البشري الفيزيائي، بل من طاقة هذا الجسد ومستوياته، وهي الطاقة ذاتها التي تتحكم في المفاصل الحيوية لهذا الجسم.
طبعا عند التحدث عن المستويات وعن الطاقات التي تتغذى من تلك المستويات، عندئذ تصبح النظرة اكثر وضوحا، لا المستويات ولا الطاقات التي تتغذى من تلك المستويات، هي مادة تقع تحت اي من الأدوات العلمية التقليدية لعلوم اليوم، لذلك ولمعالجة مبسطة لموضوعنا هذا اخترنا البحث في مصدر آخر يتحدث عن تلك المستويات. ان تلك المستويات معروفة ومعرّفة عند كل الحضارات القديمة، عند الكابالا وهو كتاب سري قديم، قيل سابقا انه لليهود لكن المكتشفات الأركيولوجية الكثيرة نقدت فكرة الوجودية لهذا الشعب، وهناك توجه جديد تعطي الطابع الكنعاني لهذا الكتاب، يعرّف الكابالا المستويات العليا لنفس الإنسان بثلاث
المستوى الأثيري (Plan Etherique)، وهو المستوى الأقرب (نسبيا) الى الجسم الماد
المستوى الإرادي (Plan de Desir)النقي والرغبة الصافية والخلاقة، وهو المستوى الذي يلي الجسم الأثيري، توضع كل الأمنيات والتطلعات والأحلام قيد التنفيذ.
المستوى العقلي الصافي(Plan de Mental)، وهو الحالة التي توضع فيه كل المخططات التي على اساسها خلقت العوالم والمخلوقات وكل شيىء. وتلك المخططات تتجسد آخذة الإرادة والرغبة في الوجود فتأخذ من المكونات الأثيريةكل الخصائص اللازمة اتتجسد بواسطة الجسم الحياتي قبل ان يصبح ماديا فتلبس كل طاقة واعية جسدهاوكل من تلك المستويات لها تعريفاتها الخاصة ومنطقها الخاص، اي طاقاتها ووطرق تجلياتها في المستويات الدنيا. وكل ذلك في منطق فائق التنظيم وفائق التطور حيث لا مجال لأي حدث تحت عنوان الصدفة، ففي اكوان ومستويات فائقة التنظيم، تعرف الصدفة، او التي ندعوها خطأ بالصدفة، انها التقاء قانونين نجهلهماوالآن اذا عدنا من جديد الى تعريف كلمة “شاكرا”، اي نقاط الطاقة الخاصة بالفرد، فيجد ان نزيد عليها تفصيلا آخر، فهي نقاط طاقة الفرد التي تتطوّر لولبيا صعودا نحو الكمال المطلق وفي الوقت ذاته باب من الأبواب تؤدي الى مستويات عليا من الوعي والمعرفةاذا استنادا الى هذا المعطى الجديد، نستطيع ان نقول ان مصطلح “شاكرا” هو نوع من الصلة (ومن هنا مصطلح “صلاة”) التي تصل وعينا الحالي الفردي اليوم وجسمنا الفيزيائي المادي الحالي، بوعي اعلى وأشمل واعمق، وفي نفس الوقت هي صلة بين جسدنا المادي واجسامنا السامية العليا، اثيرية إرادية او عقليةلا يوجد حتى تلك الساعة لا دراسات ولا مراجع او مصادر عن الـ “شاكرا”، الا ما تؤمنه الحضارة الشرقية البعيدة، اي البراهمانية والتي هي الأقدم، ومن ثم البوذية فيما بعد، اي الحركة التصحيحية التي قام بها “سيدهارتا غوتاما” اي البوذا الأخير. وكل بحث موجود، وبحثا كذلك وكل مصادرنا التالية مأخوذة حصريا من تلك الديانات.
يتحدث اللاهوت البوذي عن اكثر 22 نقاط طاقة (شاكرا) فوق الشاكرا السابعة الموجودة في المستوى المادي، وينطلقون من مبدأ انه لكل مستوى جسد ولكل جسد 7 شاكرات، واذا اقرينا بمبدأ الـ “كابالا” بوجود ثلاث مستويات فوق الجسد الحسي، فيكون المجموع 21 شاكرا فوق الجسم على الأقل.
لماذا اذا كل تلك التأويلات عن وجود سبعة شاكرات، مع تأكيد اللاهوت البوذي بوجود اكثر من 22 شاكرا تمتد صعودا حتى المستوى العقلي الصافي؛ تلك وقائع متضاربة من المصدر ذاته اي الحضارة البوذية ذاتها. لكن لنلقي نظرة اخرى اكثر موضوعية وأكثر واقعية الى موقع الشاكرات واسلوب عملها.
اذا نظرنا الى مواقع وطرق واسلوب عمل تلك الشاكرات، نجد ان الشاكرا الأولى اي شاكرا الأصل، والشاكرا السابعة أو شاكرا التاج، هما خارج المنظومة التي تمتاز بها الشاكرات الخمسة الباقية. فالأولى لها علاقة مباشرة بالإتصال العضوي المباشر بأمنا الأرض، وهي شاكرا ناشطة منذ المولد. والشاكرا السايعة هي الشاكرا التي تصل جسمنا المادي الحياتي بجسمنا الأثيري. هذا من جهة ومن جهة اخرى نجد ان الشاكرا الرابعة تتوسط وتوحّد وتتناغم مع الشاكرات الأرضية الخاصة بالتناغم والشعور الأرضي والأثيري، الأولى والثانية، ثم لدينا الشاكرات السامية الخاصة بالشعور والتناغم السامي مع الكائنات والمستويات العلوية. وكأنني بذلك ارى ان تلك الشاكرات الخمس هي واحدة في الجوهر، خمسة في الظاهر. فهناك اذا مجموعات الشاكرات في بوتقة واحدة، واخرى في المقدمة والمؤخرة تصل المستويات بعضها في بعض في منطق تصاعدي، ونظام سام فائق التنظيم.
خلاصة: ان هذا الرد هو للأسف رد مختصر ويهدف فقط الإضاءة على وجه آخر لهذا الموضوع الشيق والجديد، في النهاية نعرف انه في منطق السببية اي منطق الفعل وردة الفعل، كنت دائما عندما اتكلم مع الأصدقاء اتكلم عن المسبب الأول، هناك في النهاية مسبب أول لكل تلك الردات الفعل المتتالية نزولا حتى الشاكرا الاولى. انه المسيح الكوني الذي يضيىء ينشط ويفعل تلك الطاقات الهامدة، انه النور الإلهي الذي يضيىء كل مكونات هذه المنظومة الرائعة الفائقة الجمال والفائقة التنظيم. انه الإله المتجسد المبدأ الأول لكل طاقة فاعلة في تلك الأكوان اللامتناهية. انه كل شيىء وفي كل شيىء.