الموت الماسوني
هدف كل تكريس هو الموت تحت كل ما هو دنيء لنحيا من جديد في عالم أفضل وأمثل. في أي مكان وأي وقت، يلعب الموت المهيب دوراً مهماً في شعائر المشعوذين الاستقلالية. حتى الكنيسة ظلت وفية للتقاليد، عندما تنشد صلوات الموت على الشماس الملفوف بستار الموت قبل أن يقبل في المعرفة الكهنوتية.
قد يجدر بنا ذكر مقارنة بين شغف حيرام وشغف بعض الأنبياء. من جهة أو أخرى، يموت المعلم، ضحية كل العيوب، ثم يرجع إلى الحياة لأنه لا يتخلى عن تلاميذه الذين هم بحاجة إليه ليقودهم في إكمال عملهم. بالنسبة لبعض الأديان، هذا العمل يمثل مملكة الله أو الفردوس الذي نسعى إليه. يكمل الماسون نفس الجوهر، عندما يطلبون بناء معبد الأخوية الكونية، لكن طريقتهم ليست طريقة الأديان. الماسونية لا تطلب كل الأشخاص في المجتمع ليقوموا بهذا العمل لمجرد الإيمان الأعمى، بل تتوجه إلى النفوس المتحررة، القادرة على التصميم بعد أن يدركوا ما هو معقول، منطقي وحقيقي (عادل).
إذا اعتبرنا أن (النبي) يمثل هذه النور الفادية، التي تشع على العالـم لتقوده إلى الأخوة، يجب اعتبار حيرام هو هذه القوة النورية ذاتها لكن ذا حقيقة ملموسة أكثر. هذا المعلم، قائد البنائين الأحرار الذي يفتش عن الحقيقة بكل استقلالية، غير خائف من الأخطار المحدقة، أو الانحدار أمام أي معتقد، بما يمثل خصوصية وعبقرية التكريس. لقد حولت بعض الكتب مؤسس بعض الأديان إلى شخص أسطورة لأنها شبهت مصيره كمصائر أبطال أسطوريين مؤلهين.
بین هؤلاء الأبطال، أدونيس، وهـو أهـم من شبـه به بعض الأنبياء، هذا الإله الذي يقوم من الموت في الربيع. لقد أمن السوريون واليونانيون بهذه الأسطورة الكلدانية. عندما أحب أدونيس فينوس وقام في فصل النبات.
نجد أيضاً معنى أكثر باطنياً وعميقاً في قصيدة صورت لنـا نزول إشتـار إلى الجحيم. متعبة من الأشغال، تتخلى هذه الآلهة (إشتار) عن عالم الأحياء وتغوص في عالم الأموات. تنصدم بسبع (7) أسـوار، لا يمكنها اجتيازها إلا بتخليها عن ثيابها وكل معادنها. وهكذا، تمثل نفسها عارية مطلقة أمام ملكة الجحيم، أختها، التي تذكر إشتار بعيوبها وتعاقبها بوضعها سجينة.
الآن وبعد اختفاء إشتار، فقد الأحياء كل مشاعر الحب وكل تقاليده وهكذا بدأت الشعوب بالانقراض، مما أجبر الآلهة المنورة باتخاذ وتقديم الذبائح. لكن من دون جدوى، عندئذ يطلب الآلهة النحتيون من الآلهة الفوقيين بإخلاء سبيل إشتار.
هنا، ترتبك Ea.، الحكمة المثالية، لأنها قد تدخل ضد القوانين التي فرضتها على الطبيعة إذا أرادت أن تخلص البشرية وتفرج عن Ardou آلهة الخصب. لكن الذكاء اللامتناهي مليء بالعبقرية؛ إذ تغير القاعدة ليس إلا لعبة بالنسبة لها. وضد العدالة، يفرض على الجحيم أن يفرج عن فريسته بطلب من معارضـات الضحية.
هكذا، تعود إشتار إلى الحياة، بعبورها من باب إلى باب لتخرج من الظلام السائد. بمرورها بين كل الأسوار، تأخذ الآلهة كل ما كان ملكها من ثياب ومعادن، تجد المعطف الذي يخفي حشمتها، والخواتم التـي تزین کاحلها، أساورها، زنارها المزين بالأحجار الكريمة، قميصها الملون، قلادتها، حلقها. أخيراً بعد أن تحصل إشتار على تاجها، تعود الحياة الأرضية إلى مسيرتها الطبيعية
هذه الأسطورة، التي تعود إلى 5000 سنة إلى الوراء، تصـور عودة الربيع في فصـل النبـات أيضاً، بنزولها إلى الجحيم، التخلي عن المعادن، الموت والإحياء، كل هذه تمثل المراحل الثانية في برنامج التكريس. إذن، مما تبقى من الروايات القديمة وصلنا إلى الاستنتاجات التي تخبرنا عن أسطورة حيرام.