تاريخ الماسونية

الماسونية في فرنسا

تزاحم المحافل الماسونية الانكليزية والايكوسية في فرنسا:

في سنة 1981 بدأت المحافل الماسونية الانكليزية تبذل نشاطها في فرنسا لتضاهي المحافل الايكوسية التي كانت قد بلغت أوج الازدهار والهيبة.

وترجع هذه الظاهرة القوية، حسب رأي المؤرخين الى سببين: الأول ان جاك الثاني كان يريد استرجاع عرشه عن طريق اظهار التسامح حيال الهيئات القوية الأثر في المجتمع، بينما كان غليوم دورانج يعمل بكل قواه للاحتفاظ بهذا العرش، ببذل الأموال وبناء المماتم والمستشفيات والعفو عن السجناء، وقد عرفت المحافل الايكوسية أن تثبت قوتها ونفوذها في هذا المعمعان.

والسبب الثاني هو أن البروتستانت الذين بقوا في فرنسا ضموا جهودهم إلى جهود اخوانهم في انكلترا لاقامة المحافل الانكليزية في فرنسا كي تنافس محافل أسكتلندة.

وقد افتتح الانكليز اول محفل لهم في فرنسا عام 1720 برئاسة اللورد درو نتواتر وتایید انصار آل ستيوارت الذين قاموا بدعايات واسعة النطاق بين الفرنسيين واستطاعوا في مدة قصيرة تاسیس محافل عديدة في مختلف المدن الفرنسية.

وشاء المحفل الأكبر الانكليزي ان يقوم بدور رئيسي في هذه الحركة فأخذ يتبنى النبلاء الفرنسيين الذين يزورون انكلترا. والتقى مونتسكيو الفيلسوف الفرنسي باللوردشسترفیلد وبعد محادثات ومجاملات اقنعه بالسفر إلى لندن حيث جرى تكريسه في المحفل الاكبر يوم 19 ایار 1730، وفي هذا التاريخ كان دوق وارتن يشغل منصب استاذ اعظم، اقليمي لفرنسا باسم الحفل الأكبر الانكليزي.

ونظراً لاتساع نفوذ المحافل الانكليزية في فرنسا خشي لويس الخامس عشر أن يكون وراء ذلك، اهداف سیاسية خفية لانكلترة فاستدعى الكردينال ده فلوري الذي عقد عدة اجتماعات مع كبراء الدولة، بحثوا خلالها الموقف، ثم ارسلوا العيون والارصاد لاستطلاع اخبار المحافل واتجاهاتها السياسية، ولكن دوق انتان عرف كيف يحبط محاولات الجواسيس ويطردهم، وبقيت المحافل سائرة في طريقها الى أن أعلن المحفل الأكبر الفرنسي، مستقلاً وتبعه جمع المحافل الموجودة في فرنسا.

في عهد غور نابليون الثالث:

في 9 كانون الثاني 1802 عقد الشرق الأكبر الفرنسي جلسة عامة اشتر کت فيها جميع المحافل وانتخب الامير مورا ابن عم نابليون الثالث استاذ اعظم، وقد بذل الأمير جهود طيبة في سبيل تنظيم المحافل، واشترى بعض العقارات اليرصد ريعها في سبيل المشاريع الانسانية التي تقوم بها المحافل العاملة تحت رئاسته. وابتاع قصراً في شارع كاديه بباريس جعله دارة للشرق الأكبر، وكان الامبراطور نابليون الثالث وقد اخذ هذا الشرق تحت رعايته.

على أن الأمير مورا شاء أن يتخذ مقررات هامة دون استشارة المحافل فلم يرق ذلك لاقطاب الماسونية التي اعتبرت تصرفاته ديكتاتورية، فعقدت مؤتمر سریاً قررت فيه تنحية الامير مورا وانتخاب الأمير جيروم استاد اعظم.

وما علم الأمبراطور بهذا القرار، رأى بوصفه راعياً اكبر للشرق الاعظم ان يتلافي الحزبيات ويقضي على المنازعات فدعا اقطاب الماسون إلى قصره، وبعد المداولة تقرر الغاء الانتخاب الثاني، وتعيين المارشال مانیان استاد اعظم.

ومن أقطاب الماسون في ذلك العصر شخصيات سياسية وادبية مشهورة امثال هنري بر یسون، شارل فلوكيه اود، غامبتا، أراغو، جول سیمون؛ وبعد نابليون الثالت تألفت حكومة الدفاع الوطني من احد عشر عضواً كان تسعة منهم من الاحرار الماسون: وهم غامبتا، گر میو، فيري، أراغو، بیکار، غليز پيزوان، بلتان، جول سیهون وغارینا باجز. وفي سنة 1881 ارتأى الشرق الأكبر أن يلغي منصب الأستاذ الاعظم فعين مكانه مجلس مشيخة الطريقة.

ميرابو

هل قامت الماسونية بدور فعال لتهيئة الثورة الفرنسية؟

ان ماسون القرن الثامن عشر في فرنسا كتبوا وخطبوا كثيراً في وجوب اصلاح الانظمة وفي مذكرات میرابو بحث عن وجوب ایجاد «جمعية خاصة تشرف على وضع قانون البنائين الأحرار، وتكون غايتها العمل لخير جميع بني الانسان“، ولتحقيق  هذه الغاية يجب أن يعتمد على العقل السليم والمنطق والفلسفة في تثقيف الجميع. وبما أن الظلم وعواقبه تشكل آفات جسيمة على الانسانية فان الواجب الثاني على الجمعية هو أصلاح النظام المتبع في الحكم والتشريع.

على أن ميرابو يوضح أن هذا الاصلاح لا يجب أن يكون فجائية وعنيفاً لان الاضطرابات تخلق ظالمين جدد افظع من الاولين، انما ينبغي ادخال تحسينات جوهرية بطيئة.

وتعهد الاخوان الاحرار بالسعي لالغاء عبودية الفلاحين، ويجب على صاحب الأرض أن يعاملهم كعائلات صاحبة حق في النصيب الذي يعملون فيه من الأرض، والسعي الحثيث لا لغاء  السخرة اذ كانت السلطات تحتجز حرية ادارة لتسخرهم ایام عديدة في العمل بغیر اجر، ولا طعام ويجب الاسراع ايضاً في تخفيض الضرائب المرهقة والمكوس الجمركية القاسية التي كانت تفرض فرض يأباه العدل الصحيح وعلى هذه الاسس كان ميرابو يلقي خطبه المجتمعات والشوارع فتجد ارضاً خصبة في نفوس سامعيه، ولا سيما في المحافل التي كان خطيبها الأول، ومن بين جدران الهياكل انطلقت الصيحة الهائلة الاولى فردد الشعب صداها لانه كان ينتظر من يرسلها، ولما انطلق ميرابو يتقدم الاخوان وبایدهم المشاعل والحراب مشى وراءهم الشعب الفرنسي فكانت الثورة وهدم الباستيل، واعلنت مبادىء الحرية والاخاء و المساواة.

محفل الاخوان التسعة:

و من سنة 1799 الی 1789 انتظم في الماسونية شخصيات فرنسية كبری من اشتهر العائلات بينها دوق روشفو كول، وآل بويون وسوغور وجميع رجال السلك الدبلوماسي الملتحق بالبلاط الفرنسي.

وضم محفل فرنسا والاخوان التسعة الذي كان أعظم مرکز سیاسي وثقافي في ذلك العصر اخواناً ذوي: مكانة بارزة أمثال المحامي ايلي ده بومون والمركيز ده سال القائد والاديب، والكونت دي ميللي عضو اكاديمية العلوم، وكوندورسيه، وکابانیس، و فلوریان، والاب سایز، و كمیل ده مولان ودانتون، كما اشترك فيه الأميركي المشهور بنيامين فرانكلين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى